"طفولة مسلوبة ومستقبل غامض"
برغم ما وصلنا له من تقدم إلا أننا مازلنا نواجه مشكلة من أكبر مشاكل المجتمع والتي تعد ضمن ظاهرة الإتجار بالبشر، ففي عالم من المفترض أن ينشأ به أطفال محاطة بالحب والأمان ومنعمة بكل السُبل التي تضمن لهم حقوقهم؛ حرمت تلك الأطفال من حقهم الكامل في اللعب والتعليم والصحة والحرية وكل شيء يحلم به أي طفل، ونحن بين رأين مختلفين فهل هذا انتهاك صريح لحقوق الإنسان، أم هي عادات متوارثة كما يعتبرها بعض الناس.
حجم الظاهرة:
أكدت منظمة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن هناك أكثر من 650 مليون امرأة على قيد الحياة اليوم تزوجن وهن أطفال، ويتم سنويًا تزويج ما لا يقل عن 12 مليون فتاة قبل إتمام 18 عامًا، مما يعادل 28 فتاة كل دقيقة. هناك فتاة من بين كل 5 فتيات تتزوج أو ترتبط قبل إتمامها 18 عامًا، ويتضاعف هذا العدد حسب نمو البلد، حيث أن أقل البلدان نموًا هي أكثرها عددًا. حيث تشير التقارير والإحصائيات إلى أن محافظات الصعيد مثل المنيا وسوهاج وأسيوط تسجل نسبًا مرتفعة لزواج القاصرات، حيث بلغت النسبة في هذه المناطق 50.8٪. كما سجلت البحيرة 11.478 حالة زواج مبكر، وبلغ عدد الحالات في الفيوم نحو 11.271 حالة، وشهدت الدقهلية 10.805 حالة، وسجلت الجيزة ما يقرب من 10.738 حالة، بينما بلغت الحالات في الشرقية نحو 9.503 حالة.
ومن خلال هذه الإحصائيات وجدنا أن ٪40 من الفتيات يتزوجن قبل سن 18 عامًا، و12٪ من الفتيات يتزوجن قبل سن 15 عامًا
(اليونيسف)
أسباب انتشار هذه الظاهرة:
هناك أسباب عديدة لانتشار هذه الظاهرة مثل الفقر؛ فهناك بعض الأسر التي تزوج فتياتها في سن مبكر كَحل اقتصادي لتخفيف العبء المالي، وهناك بعض الأسر الأخرى التي تتخذ الزواج المبكر للأطفال عادة قديمة ومتوارثة لإعتقادهم أن هذا حماية للفتاة ولشرف الأسرة.
حقوق الأطفال القانونية:
كيف تُسلب طفلة أبسط حقوقها وهو اللعب؟ فإنه بموجب الإتفاقية الدولية لحقوق الطفل التي وقعت مصر عليها، فإن كل من لم يتم 18 عامًا ما زال طفلًا ولديه العديد من الحقوق مثل اللعب والتعليم والرعاية الصحية، والأحقية في المشاركة المجتمعية، والأحقية في الهوية الوطنية. كما أن الإتفاقية الدولية لحقوق الطفل التي وُقعت عام 1989 هي واحدة من أهم الوثائق الدولية التي تهتم بحقوق الأطفال وضمان رفاهيتهم، وهي تحتوي على 42 حقًا، من بينها:
حق الخصوصية: حماية الطفل من التدخل في حياته الشخصية أو عائلته أو مراسلاته. الحماية من الزواج المبكر: منع الممارسات التي تعرض الطفل للخطر أو تنتهك حقوقه.
(المجلس القومي للطفولة والأمومة).
مخاطر زواج القاصرات على الفتيات والمجتمع:
كما يُعد زواج الأطفال (القاصرات) نوعًا من أنواع الإتجار بالبشر حيث يُعتبر من انتهاكات حقوق الإنسان والممارسات الضارة التي تؤثر بشكل غير مناسب على النساء والفتيات على المستوى العالمي؛ فهو يعطل تعليمهن ويجعلهن أكثر عرضة للعنف والتمييز وسوء المعاملة، وغالبًا ما يترافق الزواج القسري للفتيات مع محاولة الفرار من مجتمعاتهن المحلية والإنتحار من أجل الهروب من الزواج، كما أنه يترافق أيضًا مع الحمل والولادة في سن مبكر؛ مما يهدد صحتهن الجسدية والنفسية وقد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة قد تنتهي أحيانًا بوفاتهن، كما حدث مع الكثير من الفتيات.
مثل:
أمال التي تزوجت في عمر 17 عامًا وحملت في ذلك السن الصغير، وأثر ذلك على صحتها بشكل كبير، حيث ماتت عند وضعها لمولودها الأول والذي دفنت به.
أو بسنت التي تزوجت في عمر 16 سنة وأُصيبت بالروماتيزم أثر حملها المبكر. كما أنها قالت: "أحس زواجي كان مقبرة لي".
وهناك العديد غير أمال وبسنت، فهذه فقط بعض القصص من ملايين الفتيات الأخريات.
وعلى الرغم من محاولات الدولة لتجريم الزواج المبكر وعدم توثيقه رسميًا في المحكمة، إلا أن هذه الظاهرة ما زالت مستمرة بسبب بعض الطرق التي تستخدم لتجاوز القوانين، حيث يتم الزواج بعقد عرفي بين الطرفين ويتم الاحتفاظ به إلا أن تتم الفتاة السن القانوني، فإن الفتيات اللاتي يتعرضن لهذه الممارسات يواجهن تحديات قانونية كبيرة، مما يجعل من الصعب عليهن إثبات حقوقهن الزوجية، خاصة في حال حدوث مشكلات بعد وفاة الزوج كمنع أهل الزوج الزوجة من حقوقها في زوجها.
كما أن زواج الطفلة التي حُرمت من طفولتها ولم تعش حياة كريمة تحفظ لها حقوقها وحريتها قد يُنشئ أجيالًا بعدها ذوي مشاكل نفسية ومعرضين أكثر للعنف؛ فالأم نفسها لم تعش طفولتها بل وجدت نفسها تتحمل مسؤولية أكبر منها بكثير ولا تعي عنها شيئًا، ولا ننسى أنها قد انفصلت عن العالم الخارجي أيضًا، فقد أصبحت زوجة؛ مما قد يرسخ في ذهنها أن ذلك شيء طبيعي كما أخبروها وأن جميع من في سنها يجب عليهم تحمل تلك المسؤولية، مما قد يجعلها تكرر نفس الخطأ مع بناتها، فتنشأ أجيال متأخرة التفكير مما يزيد من نسبة الفقر والجهل.
كما يؤثر مستوى تعليم الأم على نسبة تزويج الفتيات في سن مبكر، حيث أثبتت الإحصائيات أن أكبر نسبة للفتيات اللاتي تزوجن في سن مبكر كانت أمهاتهن أميات.
الحلول:
1- تكثيف حملات إعلامية في التلفاز والراديو والصحف ووسائل التواصل الاجتماعي؛ لاستهداف أكبر قدر من الناس وتوعيتهم عن سلبيات ونتائج الزواج المبكر.
2- إطلاق ورشات توعية للآباء، خاصة في المناطق النائية.
3- تنظيم فعاليات مدرسية للتحدث عن خطورة الزواج المبكر.
في النهاية، فطفلة اليوم هي أم الغد، وحرمانها من طفولتها هو حرمان المجتمع مستقبله.
لسه بدري مفيش طفلة تشيل طفلة.
براڤو عليكي احسنتي
ردحذفبراڤو عليكي احسنتي
ردحذف