مرحباً بك، يسعدنا التحدث مع كاتب متميز مثلك. ترحب بك مجلة "قعدة مبدعين".
هل يمكنك التحدث عن نفسك قليلاً أخبرنا عن اسمك، سنك، مؤهلك الدراسي، عملك، محل إقامتك، وقليلًا مما تحب ذكره؟
اسمي شيماء عيسى الوطني، كاتبة بحرينية أكتب في مجال (القصة القصيرة، الرواية، أدب اليافعين، المقال). درست الهندسة المعمارية إلى جانب ممارسة للكتابة منذ أن كان عمري ٩ سنوات، بعد التخرج من الدراسة فضلت التفرغ لتربية أبنائي الذين كانوا صغاراً وقتها، ولكني لم أتوقف عن الكتابة والنشر في الصحف المحلية والعربية وحالياً أنا متفرغة للكتابة والعمل في المجال الثقافي والأدبي في مملكة البحرين.
1. كيف اكتشفت شغفك بالكتابة، ومتى قررت أن تحويلها إلى مسار احترافي؟
يرجع الفضل في اكتشاف شغفي للقراءة والكتابة إلى المرحومين والدي ووالدتي، الاثنان عملا على تطوير مهاراتي في القراءة والكتابة وتنمية شغفي بالكلمة، والدتي رحمها الله كانت نهمة في القراءة، ووالدي كان يمارس معي ألعاباً عقلية تعتمد على صياغة الكلمات في جمل، أو ترتيب الحروف في كلمات أو تشجيعي على المشاركة في مسابقات كتابة القصة القصيرة والمقال، وكنت أحرز بتشجيع منه مراكز متقدمة في تلك المسابقات.
لم أتوقف يوماً عن ممارسة الكتابة، ولكن بعد أن كبر أبنائي أصبح لدي الكثير من الوقت وأيضاً الثقة تراكمات المهارة لأن أقدم على خطوة النشر في إصدارات خاصة بي ولم يكن ذلك إلا في عام ٢٠١٤م.
2. كيف أثرت دراستك للهندسة المعمارية على أسلوبك في الكتابة رؤيتك الإبداعية؟
أجد أن الهندسة المعمارية لا تختلف عن الكتابة الإبداعية الاثنان يتمتعان بصفة الإبداع والخلق من العدم، يشتركان في أن ركيزة أي عمل سواء كان هندسي أو كتابي تحتاج إلى فكرة يبنى عليها العمل وإلى مثابرة وبحث إطلاع وصبر لئلا تبقى حبيسة العقل وأن تحط رحالها في النهاية على الورق.
العمل الهندسي يحتاج إلى أساسات متينة، وإلى موهبة حقيقية وأيضاً إلى شغف متقد مثله في ذلك كالعمل الأدبي والاثنان في النهاية نتيجة حتمية لعمل دؤوب وملكات إبداعية.
3. ما الذي يلهمك لكتابة روايات تمزج بين الواقع والخيال؟
الكتابة بشكل عام سواء الروائية أو القصصية أو حتى المقال تحتاج بالدرجة الأولى إلى فكر متقد وعين راصدة تلتقط كل ما يدور حولها، وإلى رهافة في الحس وأيضاً إلى مخزون معرفي ولغوي يعين على ترجمة الخيال إلى واقع، ولذلك فموقف فارق وحدث مميز أو صورة فوتغرافية أو مقابلة شخصية " مختلفة " وغير مألوفة قد تكون مصدر إلهام جيد للكاتب.
4. روايتك "المطمورة" نالت جائزة مرموقة، ما الذي يميز هذه الرواية برأيك؟
ربما يميز المطمورة أنها كانت مفعمة بالمواقف والشخصيات التي يمكن لها أن تلامس من يقرأها، فرغم أن جميع أحداثها وشخصياتها هي محض خيال إلا أن بإستطاعة أي قارئ اسقاطها على أي واقع يعرفه، وهذا ما لمسته من بعض ملاحظات من قرأوها، فكل قارئ استوقفه حدث معين يلامس شيء من حياته ونفسه!
5. "حيث يأخذك الجنون" تناولت لحظات إنسانية فريدة، كيف جاءت فكرة هذه المجموعة القصصية؟
القصص في هذه المجموعة كُتبت على فترات زمنية متفرقة لكن لاحظت أن ثيمة الجنون تغلب على جميع تلك القصص، ولا أعني بالجنون الحالة الذهنية الدائمة، وإنما هي لحظة فارقة في حياة أشخاص أسوياء يغيب فيها العقل والمنطق قد تقلب حياتهم رأساً على عقب.
6. ما التحديات التي واجهتها أثناء كتابة "عيسى: سيرة ابتسامة لا تنطفئ"؟
كتاب (عيسى سيرة إبتسامة لا تنطفىء) هو سيرة غيرية عن والدي رحمه الله، ورغم أن والدي كان قد طلب مني كتابتها قبل وفاته وهيأ لي المادة التوثيقية اللازمة لكتابتها من ( صور، لقاءات صحفية ، تسجيلات تلفزيونية، مذكرات ويوميات وحتى بعض الفقرات المكتوبة )، وفي الأول والآخر كانت كتابتها تعني كتابة جزء من سيرتي الذاتية أيضاً، إلا أن أول التحديات التي واجهتها أني كتبتها بعد رحيل والدي ولذلك كنت أجد دموعي تنساب على وجهي أثناء الكتابة لأن ما أكتبه كان يوقظ شعور " الفقد واليتم " في داخلي، أيضاً التحدي الثاني كان بأن أكتب سيرة والدي بصدق وأمانة وحيادية تامة لا يغلب عليها الانحياز ولا المبالغة أو التزييف. وكان التحدي الأخير أن يغيب والدي رحمه الله دون أن يرى الإحتفاء الذي لقيته سيرته من قبل القراء.
7. ما الفكرة المحورية التي أردتِ إيصالها من خلال كتاب "هناك حيث الضفة الأخرى"؟
هذا الكتاب عبارة عن شذرات وعبارات كتبتها من صميم تجارب حياتية حدثت لي أو لمن حولي، في هذه العبارات شيء من خلاصة تجارب قد يمر بها أياً منا تتحدث عن الحب، الوفاء، الصدق، الهندسة والكثير.
البعض ممن قرأ هذه العبارات كتب لي أنها كانت تترجم ما يشعر به ويعجز عن كتابته.
8. كيف جاءت فكرة تأسيس دار تنوين لبيع الكتب، وما هدفك الأساسي من هذا المشروع؟
دار تنوين هي متجر إلكتروني عبر الإنستغرام، يعرض الكتب للبيع ويهتم بالكتاب البحريني بالدرجة الأولى، كان زوجي أول من فكر في المشروع أثناء فترة الحظر والبقاء في البيت بسبب جائحة الكورونا، فقد انتشرت وازدهرت أعمال البيع التجاري عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولمعرفته بمدى شغفي بالقراءة والكتب جاء اختياره للكتب لتكون النشاط التجاري الذي أمارسه إلى جانب الكتابة.
9. ما رؤيتك لدور دور النشر في تعزيز الأدب البحريني والخليجي؟
دور النشر البحرينية ورغم محدوديتها تتمتع بمستوى عالي من الجودة من ناحية التصميم والإخراج واختيار الورق والطباعة إلا أنها تفتقر إلى أهم ركيزة في النشر وهي التوزيع خارج نطاق مملكة البحرين، على سبيل المثال طبعت كتابين مع دار نشر بحرينية، ولكن مع الأسف لم توزع هذه الكتب خارج البحرين إلا ما كان يُرسل للخارج عبر دار تنوين.
10. كيف ترين تطور الأدب البحريني في السنوات الأخيرة؟
من يرصد حركة الأدب البحريني منذ تأسيسه وحتى اليوم سيجد تطوراً ملحوظاً وتهافت من قبل الكثيرين لكتابة الأدب والرواية على وجه الخصوص، كثير من الأسماء البحرينية برزت على الساحة الأدبية وكثير من الإصدارات تصدر يوماً بعد يوم، وهذه ظاهرة صحية وتستحق التأمل والبحث في أسبابها، ولكن ما ننادي به مع كثرة هذه الإصدارات أن تأخذ حقها لدى الكاتب في التأني والتدقيق قبل النشر، فليس كل ما يُكتب يستحق النشر.
11. برأيك، ما الذي يميز الأدب الخليجي عن غيره؟
اعتقد أن الأدب الخليجي يتمتع بخصوصية " المحلية " بمعنى أن أكثر الأعمال الخليجية المميزة والمشهورة هي التي كتبت عن مجتمعاتها المحلية وعن خصوصية مجتمعاتها من ناحية العادات والتقاليد أو القضايا الاجتماعية والتاريخية.
وهناك سمة جميلة لدى بعض الكُتاب الخليجيين وهي سمة المثابرة ومحاولة العمل على تطوير تجاربهم ونقلها خارج نطاق مجتمعاتهم.
12. من هم الكتّاب الذين أثروا في مسيرتك الأدبية؟
كُثر، منهم كتاب عرب مثل عبد الرحمن منيف، إبراهيم نصر الله، حنا مينا، بهاء طاهر، خيري شلبي ومن البحرين أمين صالح، فريد رمضان، حسين المحروس.
13. كيف توفقين بين أدوارك ككاتبة، وصاحبة محل بيع للكتب ومهندسة؟
كما ذكرت من قبل أني لم أمتهن الهندسة وفضلت أن أكون وبكل فخر ربة بيت، ولكني مع ذلك أمارس الهندسة من وقت لآخر من خلال بعض التغييرات في البناء والديكور وتصميم قطع الأثاث لبيتي الذي صممته وتابعت بناءه من الصفر، وكذلك في الأشراف على بعض الأعمال الهندسية هنا وهناك، كما وأني أعمل في البيت دون اللجوء إلى مساعدة أي عاملة منزلية وأمارس الكتابة إلى جانب أني عضو في أسرة الأدباء والكتاب وعضو إداري في مختبر سرديات البحرين،وأقدم ورش الكتابة ومهارات القراءة لطلاب المدارس وأحرص على حضور الفعاليات الثقافية والفنية والتشكيلية المقامة في البحرين، ولذلك فأنا أرى أن التوفيق في أداء المهام المتعددة لأي شخص يحتاج إلى عملية تنظيم وإدارة ناجحة للوقت مع قدرة على تصنيف الأولويات.
14. ما النصيحة التي تقدمينها للكتاب الشباب في البحرين والخليج، والوطن العربي بشكل عام.؟
القراءة أكثر لتطوير مهارات الكتابة، وأيضاً التأني قبل الإقدام على النشر، وأخيراً التواضع وتقبل الرأي الآخر.
15.ماهي مشاريعك او أعمالك المستقبلية، وهل هناك توجه لتجربة أنواع أدبية أخري بجانب الادب الذي تكتب فيه؟
لدي عدد من الأعمال الأدبية التي أعمل عليها في الوقت الحالي منها رواية جديدة، وعدد آخر من الأعمال التي أفكر جدياً في نشرها.
بالنسبة للأنواع الأدبية الأخرى فأنا أجد أن على المرء ألا يتنقل من نوع إلى آخر ما لم يتقنه ويقدم الجديد فيه وإلا فعليه أن يكتفي بما يجيده ويُبدع فيه ويسعى إلى تطويره.
16. من كان محفزك في إكمال مسيرتك الأدبية؟
وما توفيقي إلا بالله، ثم والداي رحمهما الله وحالياً ألقى التحفيز والتشجيع والدعم من زوجي وأولادي وأخي وعدد من الأصدقاء المقربين.
17. ما أكثر ما تخشاه في هذا المجال ولماذا؟
منذ أن بدأت الكتابة بشكل احترافي وضعت لي قانوني الخاص بأن لا أكتب يوماً ما يخجلني أمام أبنائي، وكل ذلك نابع من إحساسي بأهمية الكلمة والمسئولية الجسيمة التي تقع على عاتق من يكتبها ويقدمها للقراء.
18. هل راودتك فكرة الانسحاب من المجال يومًا ما؟
لا أبداً، مازال شغفي بالكتابة يتوهج يوماً بعد يوم ويدفعني للإستمرار رغم المصاعب والتحديات وأحياناً كثيرة العراقيل.
19. لأي مدي تطمح الكاتبة شيماء الوطني في تطور اعمالها...؟
أطمح أن تتطور أعمالي بحيث يكون لها صداها حين تُقرأ وأن تترك أثرها بعد رحيلي، وأن يظل أبنائي فخورين بأن والدتهم قد كانت من حملة الأقلام في يومٍ ما.
20. دائمًا ما يكون هناك صديق في المجال. من هو صديق مسيرتك الأقرب؟ وهل تريد توجيه رسالة له؟
صديق مسيرتي الأقرب لي ليس كاتب وإنما فنان تشكيلي!
وهو ولدي " خالد "، الابن والصديق الذي أُفرغ أمامه ودون مواربة كل فكرة وكل تخطيط لعمل جديد يدور في رأسي، وبالمناسبة كان ابني خالد أول من تنبأ أو طلب مني أن أكتب " كتاباً " حين كان في الثالثة من عمره!
هو "ابن " قلبي الذي أتشارك معه التفكير الإبداعي سواء بالكتابة أو بالفن التشكيلي.
21. صف لنا علاقة الكاتبة شيماء الوطني بجمهورها...؟
لا اعتبر نفسي شخصية عامة لها جمهورها بالمعنى المتعارف عليه، أنا مجرد إنسانة صادف أنها تكتب ما هي مقتنعة به دون أن تفكر ولو للحظة واحدة بمبيعات كتبها، وربما من تقصد بأنهم " جمهوري " هم أقرب لأن يكونوا " أصدقاء "، أتذكر حين نشرت كتابي الأول (عيسى سيرة إبتسامة لا تنطفئ) استوقفتني فتاة في أحد المجمعات التجارية وسلمت عليّ وأبدت إعجابها بالكتاب، وسألتني بشكل مفاجئ أن تحضنني، رحبت بذلك وكانت لحظة فارقة بالنسبة لي!
22. وجهي رسالة لجمهورك...
اقرأوا.. فإن المفارقة أن القراءة تنقلنا إلى عوالم لم نرها، لنفهم العالم الذي نعيش فيه!
23. ما الشئ الذي ترغبين في تغييره في عالم الادب اليوم؟
أتمنى أن تنتهي المحسوبيات والمجاملات والشللية، وأن ينال الموهوبين ما يستحقونه من الاهتمام والتشجيع.
24. هل لديكِ طقوس معينه اثناء الكتابة؟
لا، أعتقد أن الطقوس نوع من القيود التي قد تعرقل عملية الكتابة.
25. أي وقت تفضلين فيه الكتابة نهارا ام ليلا؟
في أي وقت طالما كانت الفكرة موجودة.
26. ما أغرب نصيحة تلقيتها وكانت نافعة بالنسبة لك؟
ليست أغرب وإنما أفضل نصيحة تلقيتها، فقد كنت في وقت ما أحجم عن النشر لأني كنت أتطلع للمثالية والكمال فيما سأنشره، وأتذكر أن الكاتب البحريني أمين صالح قال لي بالحرف الواحد: لا يوجد عمل كامل ولا مثالي، ولو أن كل كاتب بقي يتطلع إلى ذلك، فلن تُنشر الكتب!
27. كيف تتقبل الانتقادات وتتجاوزها؟
أتقبل النقد بشروط: أن يكون نقداً موضوعياً، بأسلوب مؤدب ودون شخصنة.
لا أتجاوز النقد، بل أتوقف عنده طويلاً وأبدأ في دراسته والإستفادة منه خاصةً إذا كان نقداً هادفاً.
28. هل لديك مواهب أخرى أو إهتمامات خارج هذا المجال؟
أنا مهتمة بالفن التشكيلي والموسيقى والمسرح والتصوير الفوتغرافي لأني مؤمنة بأن الفنون جميعها يكمل بعضها بعضاً، كما أني أمارس الخياطة والتطريز
شكرًا لك، لقد أنهينا الحوار. أسعدنا الحديث مع شخص موهوب مثلك، نرحب بسماع رأيك في المجلة والحوار...؟
سعدت بكم وبأسئلتكم، وشكراً لكم على هذا اللقاء.
بقلم/ الصحفية / ندي رضا زكي