حديثُنا اليوْم مع قامة كبيرة فى الشعر، شخصٌ تعلّمَ منْهُ الكثيرون أصول الشعر وفتَحَ باب أمام الكثير من الشباب المُحب للأدب كي يتعمقوا فى الشعر العربي الأصيل وذلك من خلال أسلوبه السلِس المميز فهوَ له مدرسة خاصة بهِ فنحن على وشك الإبحار فى عالمِهِ المميز للتعرف عليْهِ بشكل أكبر.
مَن هوَ أشرف شبانة؟
أشرف ياسين شبانة البالغ من العمر 65 عامًا مِن مُحافظَة دمياط، درسَ بكالوريوس علوم ( بيولوچي)، ويعمَل بمهنَة التدريس، ويمتلك موهبة الشعر وأيضًا متميّز فى فن الرسم الذي تركَ بهِ بصمة خاصة.
كيف بدأ معكَ كتابة الشعر؟
كانَت البداية مع قصة بعنوان ( نداء البحيرة ) مقررة عليْنا بنهاية المرحلة الابتدائية، وذلك حين طلب معلم اللغة العربية كتابة تلخيص متوازن لها، فوجدتني أتدخل بالنص بالحذف و الإختصار و أحيانًا بالإضافة مطلقًا لنفسي العَنان مما أثارَ المعلم، لكن مدير المدرسة أنكرَ عليْه انتقادِه لي وقامَ بتشجيعي بأنْ أقوم بوصف ما فعلْتُ بالموهبة.
أخبرنا عن أول قصيدة قمتَ بكتابتِها؟
كانَ ذلكَ عندما كنتُ بسن الثانية عشر، بدايات المراهقة.
فقُمتُ بكتابَة قصيدة سأذكر بعضًا منَ الأبيات:
حين وجدتني أكتب
بجزيرة أنت أميرة
و البحر يزين الشطآن
و شراعي بالمرسى سفينة
هربت إلى وادي النسيان
و الحب بقلبي كمدينة
خلابة .. ساحرة الألوان ... إلى آخر النص
ثم ( هل سيأتي القمر ) و توالت النصوص ليومنا هذا.
أي بحور الشعر تفضّل وأي يالبحور تكتب بها ؟
لا أكتب الشعر العمودي إلا نادرًا.
ما الأسس الواجب إتباعها لكتابة الشعر بالشكل الذي يليق بهِ؟
بدايةً لا بدّ أنْ يكون فى أذهانِنا أنَّ الشعر شعور، إنْ غاب الشعور عمقاً وصدقاً؛ صار نظمًا وهو أقل تأثيرًا في القارئ.
إلى أي مدارس الشعر تنتمي، ولم هذه المدرسة وما مميزاتها؟
مدرسة الشعر الحر، أجدُني في هذا النوع وهوَ متعدد التفعيلة لا يلتزم البحر الواحد، ويُحافظ على الموسيقى بل ويُنوّعُها ويتفوق في الصورة مثلما المنثور.
هل تفضل الكتابة بالفصحى أم العامية؟
أُفضّل الفصحى بالتأكيد ولا ألجا للعامية إلا في ظروف معينة أهمها نوعية المُخاطب بشعري فأنا أؤمن بأنَّ الشعر للحياة وليس للشعر فقط.
حاليًا نجد أنّ أغلب الشعراء الحاليين يكتبون الشعر بالعامية فكيف نستطيع تسليط الضوء أكثر على الشعر الفصحى وإعادته لرونقه المعتاد؟
قمتُ بمُطالبَة أساتذَتي ونُدماء الحرف الفصيح و لا زلْت بأنْ يقوموا بتبسيط الفصحى والبعد عن الألفاظ المعجمية لنقترب أكثر من المتلقي، فالشعر العامي يحوز جمهورًا عريضًا أكثر منَ الفصيح.
حدثنا عن أعمالك الأدبية؟
لي قصتان قصيرتان وأكثر من عشرون مقالًا وديوانان باللغة العامية ( تسعون نصا ) و (سبعمائة نص فصيح ) بعشرة دواوين وصدَرَ لي ديوان ( راحل إلى القمر ) شاركتُ بهِ في معرض القاهرة للكتاب قبل خمس سنوات.
هل قمتَ بالمشاركَة فى ندوات أدبية؟
الكثير على مستوى المنطقة صالون الأربعاء و ندوات الشعر بالأندية و دور المناسبات وقصور الثقافة، وعلى مستوى الجمهورية أيضًا كان آخرها دار الكتب و الوثائق القومية.
من وجهة نظرك كي نرتقي بالشعر مثل الماضي ما الأمور الواجب فعلَها؟
التحديث والتطوير بكل الجوانب، على سبيل المثال أغراض الشعر في الماضي كانت الفخر و الحماسة والحب والرثاء، في عصرنا عصر الإتصالات نحتاج لأغراض شعرية مستحدثة ولمفردات عصرية وصور مما نشاهد، فقد كانَ رائعًا وصف السيْف والخيْل في شعر الحماسة وهذا لا يناسب اليوْم حيث الراجمات والدبابات والطائرات.
ما رأيك فى الأدب بشكل عام؟
الأدب تعبير حي عن الإنسانية، غيابِه يعني نقصانًا أو فقداً لجوانب من إنسانيتِنا.
هل ترى أنّ هناك انحدار بعض الشئ فى الذوق العام وهل هناكَ سبب لذلك؟
نعم وبشدة؛ قرأتُ كتابًا مترجمًا بعنوان (عصر التفاهة - لكاتبه د. آلان دونو)، وفيه يقول الكاتب بأنَّ تصدُّر التافهون لجميع المجالات أمرٌ مدبر وهذا ما نراهُ عيَانًا بيانًا، ومِن ثَمَّ أدى ذلك للإنحدار المريع في الذوق العام مقارنةً بالستينات مثلًا منَ القرن الماضي.
كيف نعالج القصور الحادث فى الذوق العام من جميع الجوانب الأدبية؟
إعلاء صوت الحق والكلمة الهادفة والشخصيات الأكثر إنسانية لتكون قدوة لشبابنا.
ما أقرب القصائد لقلبِك؟
تقريبًا معظم قصائدي، أذكر مثلًا ( إن أنتِ ظللتِ معي)، وتبْقَى قصيدتي الأجمل لم تُكتب بعد.
هل تستطيع القوْل بأنّه أصبح لديكَ تأثير؟
الشاعر إنسان يتأثر ويؤثر بمحيطه ومتابعيه و أحسبني حققتُ ذلكَ بدرجةٍ ما.
هل ترى أنّ الأدب بمختلف أنواعه عبارة عن رسالة وعلى الكاتب أنْ يوجّه كتاباتِه بالشكل الصحيح؟
الأدب للحياة مثلما العلم للحياة وإلا ما جدواه، إن لم يرتقِ الأدب بنا بأفكارنا بوجداننا بإنسانيتنا فليس أدبًا.
كيف نستطيع عمل توعية من خلال الأعمال الأدبية ليكون لها تأثير قوي مثلما كانَ فى الماضي؟
المجتمعات صارت أكثر تعقيدًا بل وتشرذمًا لدرجة استحالة توعية الجميع بنفس الطريقة، ولكنني أحاول مخاطبة العقل الجمعي بعد قراءته ومُعايَشة وجدَانِه وتبَنِّي أهدافه إيمانًا بها، ومن ثم يولد النص فيتبناه كل من يجد نفسه فيه، ولذا يتضح جليًا أنَّ مهمة صناع الأدب اليوْم أكثر صعوبة.
من مَنَ الشعراء الذين تأثرْتَ بِهم؟
قد أُفاجئك بأنني لا أهوى قراءة الشعر مع قراءاتي لكثير في فنون الأدب الأخرى، قد يكون ذلك حرصًا على شاعري من التأثر بغيْره، ولكن يشدني النص المتمرد الثوري فأنا بطبَيعتي عاشق للحرية.
هل تجد أن الرسم يعبر عن ما بداخلك بجانب الشعر؟
الفرشاة تعبر باللون وتعطي المساحات الأكبر لعيْن ووجدان المشاهد، أما القلم فيعطي القارئ ما أراد الكاتب مع مساحة أقل في قراءة ما بيْن السطور.
ما الأوقات المفضلة لديكَ للقيام بالرسم؟
صار لي ثلاث سنوات لم أرسم جديدًا، فقد كانَ له حظ أوفر بزمن اغترابي عن مصر الآن الشعر إحتواني تمامًا.
من خلال أنكَ تمتلك موهبَتَيْ الرسم والشعر فبالتالي تمتلك خيالٌ واسع هل هذا يُساعدك فى الإبتعاد قليلًا عن ضوضاء العالم الخارجي؟
فعلًا؛ وهذا جعلَني أكثر سلامًا مع ذاتي ومع مَن حولي.
هل تعرضت للإنتقادات مِن قبْل وكيف تخطيْتَهَا؟
النقد البنَّاء يرفعني لأنه يدعوني للتطور أما دونَ ذلك فلا ألتفت له.
هل الكلام السلبي يأخذ حيِّز من فكرِك؟
ليس دائمًا ويتوقف ذلك على القائل فإنْ كان ممن أحب وأحترم فإنه يوجع بالتأكيد، أما دون ذلك فيذهب أدراج الرياح.
هل لطموحك مستوى معيّن؟
أنْ أكتب النص الذي لم يكتب بعد وأنْ يعبر شعري عن الإنسانية بشكل أعمق ويصل لكل إنسان.
هل لديكَ أشخاص داعمين؟
كل من أحب، طفلًا كانَ، إمرأة، أو صديقًا،
و غير البشر أيضًا فالكائنات الأليفة تدعمني بالإلهام العصفور والسمكة والقط والكلب.
ما هي خططك المستقبلية؟
مشاركة معرض القاهرة هذا العام بأكثر من ديوان.
ما النصيحة التي تقوم بتقديمها للشباب؟
إتقان اللغة العربية بإملائها وقواعدها والقراءة والتثقف بكل المجالات وتحرّي صحة ما نقرأ.
ما المقولة المفضلة لديكَ؟
الحرية هبة من الله لا أسمح لمخلوق أنْ يسلبني إياها.
وفى الختام نتقدم بالكثير منَ الشكر والتقدير للشاعر أشرف شبانة نتمنى له مزيد من التوفيق والسداد فيما هوَ قادم.
حوار وإعداد/ أميرة الخضراوي.
اقرأ أيضًا عزرا فلسطين
شكرا لكم بلا حد 🙏🌷
ردحذفالفنان والقلب الكبير.. موفق دائماً
ردحذف