حوار صحفي مع الکاتب احمد المٶذن

 مرحبا بكم في مجلتنا 

"قعدة مبدعين" كما تعودتم من علي التألق وتقديم المواهب الجديده في شتي المجالات، نقدم لكم واحده من تلك المواهب، كاتب اجتهد وتميز علي كوكب الادب الكاتب"احمد المؤذن"



حدثنا عن سيرتك الذاتية؟

سيرتي الذاتية تحتاج مني ربما ما يزيد على أربع صفحات كيما أفصل الحديث بشأنها لكني لا أريد إرهاق القراء هنا، مع ذلك نوجزها ببساطة وبشكل عملي ، فأنا كاتب عربي"احمد المؤذن" من مملكة البحرين أصدرت حوالي ست مجاميع قصصية وخمس أعـمال روائية ، مهتم بالثقافة والتراث ، أكتب في المسرح وقصة الطفل ، الشعر. حققت بعض الجوائز في مجال القصة القصيرة ، لي قصة بعنوان الدكان يتم تدريسها في كتاب اللغة العربية للمرحلة الثانوية بمدارس مملكة البحرين. تحولت بعض قصصي القصيرة لأفلام قصيرة وأعمال مسرحية ، أكتب في الصحافة المحلية والعربية، تُرجمت لي بعض نصوصي القصصية إلى الإسبانية والإنجليزية ولي قصيدة شعرية مترجمة إلى اللغة الفارسية ولي انجازات ومحطات أخرى يمكن تقصي أثرها على شبكة الأنترنت.


_ حدثنا عـن موهبتك وكيف تم اكتشافها؟

الحديث عـن الموهبة أعـتقد بأنه مهم كمحطـة أولى في بداية حياة الكاتب الشاب، من بداية حياتي تعلقت بمتعة القراءة في مراحلي الدراسية المبكرة، ولأني أحببتُ سماع حكايات أمي التراثية التي كانت ترويها لي قبل دخولي المدرسة، تشبعت بفن الحكاية، فأصبحت هي شغفي الأول. لذا فإن تهجي الحروف وكتابتها دفعني من مرحلة الصف الرابع إبتدائي إلى تفضيل حصة التعبير بحيث أنطلقت في الكتابة وكان مدرس اللغة العربية أ. ممدوح حفظـي مصري الجنسية قد أشاد بي في حجرة المدرسين وبموهبتي في الكتابة وأتذكر بأنه قال نبؤتـه " أكتب يا ولدي أحمد و عقبال ما نراك مثل نجيب محفوظ ". يومها ضممت حلمي إلى صدري وربيته بكل حرص وعناية حتى كبر وأشتد عـوده فوصلت إلى محطات النجاح بعد دروب طويلة من العناء والتحديات.


_حدثنا عـن أول عـمل لك، وكم أستغرق من الوقت في كتابته؟

أول عـمل لي من حيث النشر كانت قصة قصيرة بعنوان " إلى أين ؟ " فقد نشرت هذه القصة في جريدة الأضواء عام 1992 على وجه التقريب . أما أول عمـل لي على صعيد المجاميع القصصية فقد كان كتاب بعنوان " أنثى لا تحب المطـر " هذا الكتاب عـملت عليه عـدة سنوات حتى قـررت نشره وهو باكورة شغفي بفن السرد والانطلاقة الحقيقية لي كقاص .


_بمن تأثرت من الأدباء في بداياتك؟

مرحلة تأثر الكاتب المبتدىء بمن حولة أعـتقد بأنها طبيعية في سياقها الزمني وأنا لا أنكـرها أكيـد ، فقد تأثرت بـ.. نجيب محفوظ ، حنا مينا ، عـبد الله خليفة، والكثير من الكتاب العرب والأجانب، شغف القراءة حملني على متعـة الاكتشاف وهذا ما جعلني أجتهد في توفير مصروف المدرسة إبتغاء شراء الكتب المستعملة . إن تأثر الكاتب الشاب بكتاب قرأ لهم يسهم في تأسيس اللبنات الأولى للتجربة ريثما يتدرج الشاب في فهم محركات الكتابة واستيعاب تلك الحالة الكيميائية المعقـدة التي تتشكل منها ثم تأسيس بصمته الخاصة في عـالم الكتابة.


_ ما هي الرواية أو العمل الأدبي المفضل لك بشكلٍ عــام ؟

كل أعـمالي الأدبية من قصة أو رواية أنظر إليها كنظرة الأب لأولاده لا يفضل أحد على غـيره وأعتبر فقط أن لكل ولد أو بنت عـلاماته الفارقة في شخصيته التي تميز بينه وبين أخيـه، فعملي القصصي الأول " أنثى لا تحب المطر " أحمل له ذكرى طيبة في قلبي لكونه الكتاب الأول لي بينما " وقت للخراب القادم / رواية " هي روايتي الأولى التي أخذت فرصتها في النجاح وتخطت توقعاتي بما وصلت إليه. بقية أعمالي لاقت النجاح بشكل متفاوت وتناولتها الصحافة الثقافية وهذا ما يحرضني على مواصلة طريقي.


_ من الذي دعـمك وشجعك لتصل إلى ما أنت عـليه الآن؟

 سؤال عـويص ويضعني في موقف محرج لكون محطات الحياة التي مـررت بها وضعت في طريقي أناس طيبون آمنوا بي وبموهبتي ومـدوا لي يـد العون، الكثير من هؤلاء لا أذكـر أسمائهم بصراحة، لكن أستطيع هنا توجيه الشكر لهم بلا استثناء على ما قدموا لي من جهود ، كتاب وصحافيين ونقاد و مدرسين وأصدقاء ...إلخ ، كل هؤلاء ساعـدوا " المؤذن " لكي يكـون.

_هـل هناك وقـت معـين تخصصـهُ للكتابـة؟

 الكتابة في الغالب كلحظـة إلهام هي من تفرض سلطانها على الكاتب وعليـه هو الامتثال وحسب بينما يدخل بلاط جـلالتها . أحيانًا أكتب في وقت متأخـر من الليل، كما أكتب في الصباح أو حتى من بعد الظهـر، لا يوجد عـندي وقت محـدد، أحيانًـا يداهمني الأرق فلا أنـام فأعـرف وقتئـذ بأن الكتابة كما الأنثى تدعـوني إلى السهر معها على طاولة اللقاء لنتحدث ونحتسي قهوتنـا ونروي شغف الحرف!


_ ما الدافـع الذي يشجعـك على الكتابة؟ وما الذي يلهـم قلـمك؟

ثمـة دوافـع كثيرة تسكن النفس تشجع المـرء على الكتابة، شخصيًا دافعـي الأول هو محاولة فهم كينونتي كإنسـان وجد في الحرف التعبير عـن دواخل تلك الشخصيات التي يشكلها من الحبر على الورق فتكبر وتزدهـر وتصبح لها شخصياتها المستقلة . حقيقـة ثمـة عـالم كبير يحتدم في داخلي أبحث عـنه وأنا أكتب وأتعلم كـل يوم درسًـا جديدًا في الحياة لأن سؤالكِ " ما الدافع الذي يشجعك على الكتابة ؟ " يتفق من حيث الرؤية مع سؤال آخـر نوجهه لأنفسنا نحن الكتاب .. " ما جدوى الكتابـة ؟ " يبقى أن لكل كاتب دافعـه الخاص في ولوج عـالم الكتابة وما الذي يبتغـي الوصول إليه، فهناك من يريد الوجاهة الاجتماعـية والشهرة وهناك من يريد تنويـر مجتمعـه بعلمـه وثقافته لنهوض أمته وهناك من يريد تحقيق نـزوةٍ عـابرة متى ما وصل إليها زهـد في عـالم الكتابة وتركها بلا رجعة ، لكل كاتب دوافعـه الخاصة وهي وحدها من تحدد مـدة صلاحيـة مشروعـه ككاتب على الساحة، يتألق كنجم من بين الجماهير أو يخبو كتجربـة عـابرة من عـمر الزمن.

ما يُلهـمني ككاتب هي حركة الناس على الأرصفة وسط الزحام ، كل شخص له قصة في صراع الحياة ، يلهمني طـفل يبكي سقوط دبـه الملون وسط الشارع لما تدهسه السيارات، يلهمني عجـوز وئيد الخطوات يمشي وحيدًا بوجه حـزين في غـربة المدينة، يلهمني منظـر فراشـة تفاجئني بالقرب من نافذة غـرفتي مع بداية الصباح وهكذا .


_هـل يحدث لك ما يطلقـون عليه " بلوك " الكتابة وكيف تتخلص من هذا الشعور؟

ما أفهمـهُ من سياق السؤال حالة توقف أو جفاف الكتابة التي تستعصي على الكاتب في وقتٍ ما بحيث لا تسلمـه قيادها فيشعر بالخواء وأن أفكاره كما بئـر ماءٍ جفت . طبعًـا هذه الحالـة أختبرتها كثيرًا وبالرغـم من أنني كنت اتعامل معها بقلق في بداياتي ككاتب شاب، لكني مع مرور السنوات، صرت لا أخشاها بل أستوعـبتها كمرحلة طبيعية من ضمن تحولات تجربة الكتابة بحد ذاتها. فقط على الكاتب الشاب أن يعي بأنها مرحلة طبيعية جـدًا ولا خـوف منها لكن يترتب عـليه أن يكثف من عـملية القراءة وفتح نقاشات موازية مع زملائـه الكتاب وحضور أمسيات سردية أو شعرية وعليـه تدوين أحلامه في دفتـر صغير أو في هاتفه الذكي، تقليل ساعـات يومه من على منصات التواصل الاجتماعي وتقليل الكتابة على صفحاتها وحتى التوقف عن الكتابة والحصول على اجازة، هذا سيحفز لاحقًـا رغبة المرء في العودة للكتابة بنفس حماسي جديد.. فكل هذه آليات ضرورية تجعل الكاتب يخصب تربة الكتابة في داخله حينما يريد أن يكتب وتساعـده على الحد من تاثيرات جفاف الكتابة.


_ كلمني عـن طـموحاتك التي تسعـى للوصول إليها؟

طموحـات أي كاتب كثيرة بلا سقف " بني آدم من صفاته الطمع " لكني على الصعيد الشخصي طبعًـا أطمح أن اكون كاتبًا عـربيًا يتم قراءة أعـمالي على نطاق واسع ، كما أتمنى أن أحظى بثقة القراء العاديين ولا أسعى لمغازلة النخبـة أو طلب رضاها من كبار المثقفين ، أنا دائمًـا ما أراهن على المواطـن العربي البسيط ، حينما يصلـه أدبي ويستوعــبه بحب كمعبر عـن أحلامه وخيباته وأفراحه ، أكون بذلك قد أوصلت رسالتي وهذا بحد ذاته نجاح أفاخـر به .


_ما هي معايير نجاح الكاتب بنظـرك؟

المسألة هنا حساسة في وجهة نظـري ولا تُقاس وفـق هذا المنظـور وحتى أوضح سياق حديثي سأستعين بطرح مثل عـن زراعـة الأرض. فالفلاح حتى مع تسميده للتربة والاجتهاد في ريها ، من غـير الأكيد أن يضمن ثمارًا صحية ناضجة يحصدها في نهاية الموسم!  وهكذا الحال مع الكاتب حيث يكدح في أرض الكتابة ليل نهار ويقدم تضحيات كثيرة من صحته وعـمره ورغـم ذلك يكون حصاده ليس كما يتمنى .. بالمحصلة ، معياريـة النجاح ليست كتيب سحري " مع اتباعـه " يمكن للكاتب الشاب تحقيق قفزات خرافية تطلقه نحو عـالم الشهرة ، لا فعالم الكتابة كيما ننجح فيه نحتاج إلى الصبر والمثابرة والإيمان بما نفعل وأن نقاتل في سبيل الحلم الذي نريـد ، هي هكذا معايير النجاح بلا فذلكات أو تنظير. كن أنت ككاتب لك بصمتك ولا تقلد غـيرك، حـلل ما تقرأ وحاول أن تكتب بشيء من الهذيان والحلم والتمرد والعبث لكن وأنت تمسك خيوط اللعبـة حتى لا تفلت منك بعدها سترى النجاح في طريقك خطوة خطوة.


_ ما نـوع الدعـم الذي يحتاجه المبدع المثقف في الوقت الراهن؟

يحتاج إلى الرعاية الأوليـة التي تمكنه من بلوغ هدفـه.. لنبدأ مع الكاتب الشاب ، يحتاج رعاية مبكرة من مرحلة الدراسة في المدرسة حتى وصوله إلى مقاعـد الجامعة، فعقد الندوات الأدبية ودورات الكتابة وتوفير فرص للنشر المدعـوم من جهات رسمية والاحتكاك بكبار المثقفين والكتاب وإتاحة النقاش وتبادل الخبرات معهم ، كلها عـبارة عـن دعــم يحتاجه الكاتب الشاب قبل الكاتب المحترف الذي قطـع شوطـًا من التجربة وأحرز بعض النجاح.

الكاتب كلما وجد في بيئتـه التشجيع اللازم فسوف ينطلق ليحقق حلمـه ويراكم رصيده من النجاح .. في مجتمعاتنا العربية يكثر اليوم " التنمر الثقافي بشكله الإلكتروني " للأسف وجزء كبير منه يضرب المواهب الشابة، يسخف من تجاربها ويقلل من شأنها، وقد واجهت مثل هذا الواقع في بواكير تجربتي حينما كنت أصغر في السن لكني تحملت عـناء التجربة ومشيت على جمـر العقبات فوصلت . شخصيًـا أرى أن الكاتب من المهم أن يدعـم نفسه أولا ويحصنها بالإيمان الداخلي .. خاطب نفسك كل يوم وقل لها : أنا كاتب !  إن لم يؤمن المرء بنفسه كمشروع كاتب ، لن يعطيه الآخرين الفرصة كيما يكون، فالساحة الثقافية والأدبية فيها المنافسة على أشدها ومن يستمـر في خوض غـمارها لأكثر من عـشر سنوات فهو مشروع كاتب حقيقي وليس بطارىء.


_ لو أحد متابعيـك قام بتعليق سلبي على عـمل من أعـمالك ماذا يكون رد فعـلك؟

اتقبـل كل ذلك بروح رياضية ، فالكتابة التي يقدمها الكاتب في أحـد إصداراته لعموم القراء أشبهها بوجبة الطعام ضمن قائمة الأطباق في مطعـم .. هل من المعقول أن تنال هذه الوجبـة رضا عـموم الزبائن؟ بالتأكيد لا ، وهكذا حالنا مع القراء فهناك من لا تـروقه روايتي أو مجموعـتي القصصية وسيعتبر ما أكتبـه مجرد هـراء ضعيف البنية ويفتقر للإبداع وهكذا ، على الكاتب أن يستبعد من ذهنه لمجرد سماع تعليق سلبي حول أحد كتبه من تفكيره بأنه كاتب فاشـل ، بكل بساطـه القارىء له كامل الحرية في إبداء رأيه ولا حق لنا في مصادرته، وإن كنت ككاتب لا تتقبل النقد ولا الملاحظات فلا تتجشم عـناء الكتابة من البداية! خُـذ ككاتب الرأي والانتقاد وأقبل التوجيه والنصح ممن يكبرك في السن والتجربة وهذا أكيـد ستكون له ارتدادات إيجابية تطور من تجربتك وسط ساحـة المنافسة.


_ ما رأيك في الفن والأدب هذه الفتـرة بوجـه عــام؟

من الصعب إجمال المشهد ببضع كلمات لكن يمكننا القول أن الساحة الفنية والأدبية سيكون لها عـطاء أفضل حينما يُعـطى العمل كأن يكون مسلسل تليفزيوني وقتًـا أطول في أختيار السيناريو الأفضل والأعـمق وتوفير المعايير الانتاجية والوجوه الفنية الأكثر كفاءة له كيما ينجح ، ما الذي جعل مسلسل " رأفت الهجان " من روائع الدراما التليفزيونية المصرية على مستوى العالم العربي تحقق نجاحاً كاسحاً؟ فهذا المسلسل لا يمكن نسيانه من ذاكرة المشاهد العربي ولا يمكن أن ينسى رائعة الموسيقار المبدع عـمار الشريعي. ولنقيس بنفس المعيار ساحة الأدب ، ثمة روائع أدبية عـربية لا يمكن أن ينساها المتلقي العربي.. في الفن أو الأدب معيار البقاء دائمًا للأفضل الذي يستطيع أن يخلد وجوده.


_من وجهة نظرك كيف يتحول الكاتب من موهوب بالفطرة إلى محترف؟

السر دائمًا في مواصلة قهر الصعاب والتحديات والتمتع بالإرادة لكي نكون، اليوم الكتاب الشباب وهذا ما ألاحظـه من صفحات الفيس بوك ، أجد الكثيرين يتذمرون ويرفعون صخب الشكوى مما يواجهونه من تحديات أو رفض لأعمالهم المكتوبة، وهذا طبيعي في المراحل الأولى من بدايات عـالم الكتابة، الكاتب الشاب لن يجد كل الأبواب مشرعـة له بسهولة ليكون منافسًـا، أمر آخر على الكاتب الشاب أن يتدرج على سلم التجربة الحياتية كيما يكون كاتبًـا وهذا يتطلب سنوات طويلة من الصقل والخبرة، والعثرات والإنتكاسات هي التي تشد من عـود الكاتب حتى يحـقق مرحلة الاحتراف بحيث لا يعود مضطرا لأن يدفع تكلفة طباعـة كتابه وتبدأ أقلام النقاد في تناول تجربته الأدبية.


_ هـل تعرضت من قبل لموقف أحبـطك في مجالك؟

تعرضت لمواقف كثيرة لا تحصى كادت تحرق حلمي في الكتابة ولكني لله الحمد تجاوزتها لعمق إيماني بحلمي حتى وصلت لما أنا عـليه اليوم، واتذكر بأن عام 2019 تم تكريمي في مدرسة خاصة لاعتباري شخصية أدبية وطنية " مُـلهـمة " .


_ كيف ترى الكتابة؟ بـوح؟ عـملية استشفاء ؟ هـروب من الواقع؟ مواجهة مع الذات؟ أو مع الآخَــر؟

حقيقة الأمر الكتابة هي كُـل ما تم ذكـره في السؤال المطروح الكتابة محاولة منا كبشر لنعرف ذواتنا وندخل محراب نارها المقدسة كيما نؤدي طـقوس تطهر أرواحنا حتى نبلغ تلك اللذة الإيمانية ما بين " الأنا " الباحثة عـن خلودها الذاتي والخطاب الموجه لعامـة الناس حتى نبلغ جزءً من الحقيقـة ، بالمجمل الكتابة عـملية معقـدة تستعصي على التفسير المباشر وحتى التنظير الآني لكونها أكبر وأعـمق من كل النظريات التي حاولت تفسيرها ولهذا قلـة من الكتاب المبدعـين ممن يصل إلى الإمساك بأعـنة خلودهـا ويمتلك مفاتيح نجاحها وشهرتها، أما بقية الكتاب ها هنا ، ما هُــم إلا كادحـون في أرضها من غـير الأكيد أن يضمنوا جوائزها ، حيث تذوب الأعـمار قبل قطف الثمار، كم من كاتب رحل عـن هذه الدنيا وهو أسير الظـل لا أحد يعرفه؟!


_ هـل أنت مع أم ضـد استخدام الكاتب لألـفاظ خارجـة عـن الأخلاق العامـة بحجـة توصيل المعنى للقارىء؟

إن تحري الدقـة فيما يكتبه الكاتب ويقدمه للمتلقي أعـتقد بأنـه في النهاية عبارة عـن مضمون قابل للاستهلاك من الناحية الثقافية بوسط المجتمع وعـليه.. أنا مع استعمال لغـة وسـط تجمع ما بين التلميح بذكاء وما بين المعالجـة السردية بحيث لا نخدش ذوق القارىء ونحترمـه بذات الوقت لكن مع تقديم وجبـة أدبية ذات جودة مقبولة . فالناحية التربوية مهمـة في رأيي ، لا أقول بأنه يترتب على الكاتب أن يكون كاتبًا إنطلاقته إسلامية بحته لكن من المهم أن يتوجه للإنسان بالدرجة الأولى ويراعي الذوق العام وسط مجتمعٍ ينتمي إليه ولا يمكنه الانفصال عـنه بأي حال من الأحوال وإلا فمن سيقرأ لـه إذا ما أصر على الانفصال عـن واقعه المحلي


_ هـل تعتقد أن الكتابة تندرج تحت مسمى الهواية أم الموهبـة؟

الكتابة خليط بين الهواية والموهبـة ، فهي هكذا تبدأ في اشتعالاتها من شرارة بسيطـة إلى أن تصبح حـريقًـا بالمعنى المجازي، لكن بكل تأكـيد من واقع خبرتي ، الكتابة تتجاوز طور الهواية والموهبـة إذا ما آمـن بها الكاتب على أنها مثل الهواء لا يستطيع العيش من دونه، حيث تصبح أسلوب حياة بغض النظر عـن ما تقدمـه من نجاح أو فشل ، فيعمل الكاتب ويكدح في محرابها غـير مكترثٍ بالتضحيات التي يقدمها في سبيلها أو الأثمان التي يدفعها في سبيلها وهنا مرحلة الصدق والعطاء في أسمى معانيها وبلا حسابات ربح أو خسارة كما يتصورها التاجر صاحب الدكان.


_ هـل تفضل النشر الورقي أم الإلكتروني خاصةً بعد انتشاره في هذه الفترة؟

 النشر الورقي يبقى هو الأكثر مصداقية في تقديم الكاتب للجمهور كما أن حفظ حق الكاتب مكفول بآلية محددة تنظم هذا الجانب أمام الجهات ذات العلاقة بصناعـة الكتاب، أما الكتاب الإلكتروني على سهولة اعـتماده وسرعـة وصوله بلا عـوائق للقراء في كل مكان من الكرة الأرضية ، إلا أن وزارات الثقافة في دولنا العربية لا تزال قلة منها تعترف بالترخيص لـه أو تمنحه الترقيم الدولي ابتغاء تداوله، فمقص الرقيب ما يزال عـربيًا يراقب حركة الكتابة والكتاب بقلق ويعتبر الكتاب سلعة ثقافية ملغومـة. لكن بوجه عـام اليوم الكتاب الإلكتروني أضحى قويًـا ويكتسح الساحة بقـوة لا يُستهان بها كرقم صعب يجب أن يحسب له ألف حساب، أنا شخصيًا لي مجموعـة قصصية بعنوان " وترقصين " حققت من حيث عـدد التحميلات عبر الشبكة أفضل مما حققـته كتبي المطبوعـة من حيث عـدد النسخ المطبوعـة!


_ ما الذي يجعل الكاتب مميزاً عـن غـيره ؟

 اجتهاده في تثبيت بصمتـه الخاصة بعالم الكتابة وعـدم استعجاله على النشر ريثما تنضج تجربته ويزداد رصيد خبرته في الحياة وحرصه على الاستفادة من الكتاب الأكبر منه في السن والتجربة و النأي بنفسـه عـن الجدال مـع أعـداء النجاح والتركيز على العمل بصمت بشكل حثيث وبلا استسلام للمحبطات والصعوبات ، هذا ما علمتني إياه خبرتي طوال أكثر من ثلاثين عاماً مضت مع الكتابة أعترف بأنني لا أزال طالبًا في مدرسة الكتابة.


_ هـل تمتلك مواهب أخــرى؟

 أمارس الرسم من وقت لآخر حتى أن بعض كتبي صدرت اغلفه عبارة عـن لوحات بتوقيعي مثل كتاب " رجـل للبيع / مجموعة قصصية " و كتابي الإلكتروني في طبعته الثانية " فزاعـة بوجه الريح / رواية " كما أمارس الخـط بشكل بسيط وأخـط عناوين كتبي بنفسي كتجربة أستمتـع بها .


_ حدثني عـن إنجازاتك؟

 كثيرة المحطات التي مرت في حياتي حيث أنجزت نجاحات جميلة وضعتني على الساحة الثقافية ولا أستطيع تزكية نفسي باستعراض هذه الانجازات فالقراء يستطيعون معرفتها بقراءة نتاجي قبل أي شيء آخر وهي متاحة عـبر الشبكة وموجودة كأخبار في المجلات والصحف العربية مما يكتب عـني بين وقت وآخر.


_ هـل تفضل الكتابة بالفصحى أم العامية؟ 

 خياري الأول طبعاً الكتابة بالفصحى ولكني أحياناً أضع في سياقات حوارات بعض شخصيات قصصي القصيرة أو شخصياتي الروائية بعض العاميـة بحسب ما تقتضيه الأحداث وطبيعة البيئة والمكان. 


_  ما النصائح التي تريد توجيهها للكتاب المبتدئين؟

#  من سياق الاجابات السابقة أعـلاه أعـتقد سيلاحظ القراء الكثير من النصائح التي سبق ووجهتها للكتاب الشباب ومع ذلك أحب أن أضيف هنا

أن أبرز ما يجب أن يركز عليه الكاتب المبتدىء ، أن يجتهد في تنشئـة نفسه معرفيًا ويكثف من القراءة التي ستنعكس على عطائه في الكتابة . كذلك أن يعطي نفسـه الوقت الكافي حتى يؤسس مشروعـه الذاتي ككاتب، فأنا لا أنصح بالاندفاع في الكتابة عبر صفحات الفيس بوك لكونها ذات طابع إستهلاكي تعرض أفكار ورؤى الكاتب الشاب للإستهلاك السريع وحتى السرقة من كتاب شباب آخرين يقتنصون الفرص. كذلك من المهم الاشتراك في المسابقات الأدبية فهي وقود سريع الاشتعال يقدم التحفيز الذاتي للكاتب ولكن عـدم الفوز لا ينبغي أن يكون عـنصر هـدم للموهبة بعدم جدوى الكتابة، فالكاتب عـليه الاستمرار في القتال من أجل حلمه حتى مع عـدم تحقيق الفوز لأن رسالته أكبر من شهوة الجوائز وامتيازاتها .


_كلمتك الأخيره للمجلة؟ 

كلمـة أخيرة لصحافيتنا " نـدى " .. شكرًا على هذا اللقاء الجميل والذي حفل بتساؤلات دقيقـة ومهمـة عن الأدب والساحة الثقافية وحيز التجربة حيث أستمتعت به وأتمنى أن أكون عـند حسن ظـن القراء الكرام ، فأكرر شكري لـ... " قعـدة مبدعـين " على جهودهم الطيبة وأتمنى لهم الخير والنجاح بما يطرحون من ثقافـة وأدب في سبيل الكاتب والمبدع العربي من المحيط إلى الخليج.

إرسال تعليق

أحدث أقدم