ما بيْن الغرور وإنعدام الثقة
كتبت/ أميرة الخضراوي
لوَهلَة يأتي فى مخيّلَتِك أنّ الحديث سيكون عن شخص يتَّسم بهاتيْن الصفتيْن ولكن سيتم تناول جانب آخر من ناحية الكتابة.
فى بداية الحديث لنتعرف عن ماهية الكتابة؟
الكتابة ما هيَ إلا عملية مُعقدة تتأرجح ما بيْن صفتين متضادتين وهما قمة الغرور وإنعدام الثقة بالنفس.
لا شك أنَّ عدد لا بأس بهِ منَ الكُتَّاب منَ الشخصيات "ثنائية القطبية" وهي الشخصية التي تمر بحالات منَ الرضا عن النفس مذهلة ثم يوَاليها حالات اكتئاب شَديد ويكون وقعها على نفس الكاتب خطير حيثُ تتحكم فى تقلباته المزاجية.
سيراود ذهنك سؤال لم قد يصل الكاتب لهذه المرحلة ويكون متأرجح بيْن الغرور وإنعدام الثقة؟
فالإجابة أنه لا بد للكاتب أنْ يُعجَب بأعمالِه ويشعر بحاله منَ الرضا التي تصل لحد الاستمتاع وهوَ يقرأ كلماته وهذا منطقي فنتيجة لذلك تُصيبه حالة من الغرور فلو لم يُعجَب الكاتب بكتاباتِه سيكون مخادع لنفسه وللقُراء، وفى الوقت ذاتِه لا بدّ أنْ يمتلك الكاتب قدرًا من عدم الرضا مما يجعلُه منعدم الثقة حيث نلاحظ أنّ بعض الكتاب يتحاشون قراءة حرف مما كتبوا بسبب شعور الفشل أو الضياع المُسيْطر عليْهم فيُراوِدُه العديد من الأسئلة منها لِمَ لَمْ أُعِد صياغة الفقرة بشكل أفضل؟
ومباشرةً سيأتي إلى ذهن القارئ لمَ كل هذه الجلبة فالكاتب الحقيقي لا يعنيه شئ، ولكن عزيزي القارئ نسيت أن بعض النقد قاسي جدًا سواء كانَ من ناحِيَة النُّقاد أو القرّاء فنقدهم لا يرحم الكاتب.
ومن ضمن الاستشهادات لتأثير النقد على الكتاب الشاعر الكبير " عبد الرحمن شكري" حيث كان معروف بأنهُ مرهف شديد الحساسية، تعرّض لما يُسمّى بالانتقام البارد منْ قِبَل المازني حينما صدر ديوان كتاب " الديوان" سنة 1921م فهاجَمَ المازني شعر " عبد الرحمن شكري" وكتبَ فصلًا اسمه "صنم الألاعيب" وألصق فيه تهمة الجنون واضطراب الأعصاب وهذا كانَ ظلمًا واضحًا وتعتبر بمثابة جريمة قتل للنفس بالنسبة لشاعر حساس غير قادر على الشجار مثل الشاعر " عبد الرحمن شكري" ونتيجة هذا الهجوم الذي تعرض له " عبد الرحمن شكري" لم يَعُد ينشُر أعمالِه وقلَّ إنتاجِه بشكل ملحوظ وأرادَ التوقُّف أكثر من مرة وتوفى سنة 1958م ولكن بقى فى قلبه جرح عميق لم تُداويه الأيام وهذا كله راجع إلى انتقاد لاذع ونقد هدّام.
فى الختام لا تستهينوا بوقْع الكلمة على النفس فنتيجة للكلمات السلبية والنقد المستمر بسبب وبدون سبب نجد أشخاص فى حالة إضطراب ما بيْن الصفة وعكسها فالإنسان مهما بلغَ من قوة لا يستطيع تجاوز كسر خاطره فى وقت من الأوقات.
إقرأ أيضًا منتدى قعدة مبدعين للثقافة والفنون