أكتب إليك

 "أكتب إليك"

هذه الليلة مليئة بالسَجَم، وأصاب وذرتاني الألم، أشعرُ كأن هناك ثُقلٍ على صدري، يمنعني من التنفس والقدرة على الحراك، كأن العالم أجمع هنا داخلي، يتنافر ويتجاذب، يطفو ويغوص، متناقض مثلما أنا تمامًا، تارة أجدني أصبتُ بوَغفٍ، وتارة أخرى أحلق في السماء كأن لا شيء بي، مزاجية أنا وهذا أكثر ما يُرهقني، ما إن انتهت رحلة بكائي حتى نهضت وتزينت بمِعنقةٍ قد أهداها لي أحد أصدقائي، وأعددتُ كوب قهوتي، وجلستُ في شرفتي أراقب القمر، وأبحث عنك، بين المألة والنجوم، بين الحب والحرب، أبحثُ دون مللٍ أو كلل، أريد أن أجلس أمامك لا أنا أكتبُ إليك، أريد أن استشعر ذلك الوجود الذي يجعلني اطمئن، أريد أن أرتوي من ظماء القلب، وأن يسكن من جديد، لا أريد غياثًا في هذا الإرزيز الذي يشعرني بشيء من النشوة والجنون، وما هي إلا لحظاتٍ من تأملي في الكون للبحث عنك حتى هبت الرياح والأعاصير، ونال مني غَمير من الغيث، وعدتُ مسرعةً أبحث عن شيء يشعرني بالدفء من جديد، ولكن كيف يدفأ من فقد أمانه؟!

كيف يعود إلى سكونه بعدما عصفت به الرياح؟!

كيف يجمع شتات قلبه بعدما مُزق؟!

كيف يرتوي من طول الطريق؟!

لا شيء يشعره بالسلام كما كان، فالعالم لم يكن على القدر الكافي من السلام، ملأته الحروب والمعارك وفاضت أنهاره لتُغرقني بداخله دون أن أدرك ماهية النجاة، وجدتني بين الرَسيل أصارع ذاتي، وأشكو آهاتي للاشيء، وجدتني خائفًا داخل حجرة مليئة بالظلام لا يعبر إليها ضوء القمر، الأرضية قاسية ومتعرجة تجرح قدماي، وجدرانها بالية أنهكت جسدي، لا أدري لمَ آل بي الدرب إلى هنا، ولمَ أنا أكتب لكَ مع إدراكي التام أنكَ مجرد نسجٍ من خيال، صنعته لأواسي قلبي، ولأجد ليّ مكانًا أهرع إليه، قد تكون وهمًا جميلًا يتحقق ذات يوم، وقد تكون حُلمًا رائعًا يرافقني، كن بخير يا سرمدي الفؤاد، كنت بخير حتى في أحلامي.

"شيماء_حسانين| رحيل"