لحظات فارقة
هل علينا أن نستأنف رحلتنا من جديد؟ وإلى أين ستصل بنا الأقدار؟ هكذا دارت الأسئلة في ذهني الشارد دائما، الفترة العصيبة التي مررت بها استوقفتني كثيرا، شقت لي طرقًا أخرى غير التي سلكتها؛ فأعدت ترتيب كل شيء من جديد.
لم أدر أي رياح هبت لنجدتي في تلك اللحظات، كفان رقيقتان تعلقتا بي، تسللت حرارتهم إلى أوردتي التي كادت أن تتوقف، أنعشت روحي وردتني ثانية إلى الحياة، تدفق جريان دمائي، ألقت بي المحن التي تعاقبت إلى مفترق طرق، كان عليَّ الاختيار بين أمرين كلاهما شاق، فنفس
ي تأبى الانحراف تحت وطأة الظروف.
لم أعثر على ملجإ ألوذ إليه، فقدت شهيتي فخارت قوايَّ، نهشت جسدي الأمراض كفريسة مستساغة؛ وجدت نفسي في المشفى أصارع الموت.
غبتُ عن الوعي في رحلتي إلى النهاية؛ لم أقاوم، أسلمت روحي وجسدي للقدر، ليتني أرحل بسلام، همهماتهم حولي تتعجل الساعات الباقية؛ لتبثني مزيدًا من اليأس.
في لحظات غيابي دارت أحاديث لم أسمعها من قبل، استرددت الوعي قليلا لتحاصرني الدعوات، انصبت جميعها في اتجاه واحد ولهدف مشترك وهو الخلاص مني، لكنني لم أملك إلا الرجاء في رحمة الخالق.
انجلى أمامي الزيف الذي غرقت فيه؛ ندمت على عمر أفنيته بجوارهم، لم تداو أيديهم جراحي- رغم كونهم الأقرب إلى قلبي- فزعتني النظرات المحدقة، حارت مشاعري أن تدرك تفسيرًا لتصرفاتهم.
امتدت كفان تحتوياني خلسة، أشعلت الدفء في نبضي، سقطت دمعة من عينين راجيتين لي حياة جديدة، سكن فؤادي العليل وكأنها كانت البلسم.
انتظرت طويلًا من وهبتني الحياة، كلما تسلل الفتور إلى قلبي، عدت إليها بذاكرتي، بحثت عن الروح التي أطلقت إلى قلبي الأمان، ولكنني لم أظفر بها في خضم حياتي التائهة، عادت رغم المسافات لتمنحني الثبات، كما منحتني منذ زمن مضى مذاقًا خاصًا لحياتي، ثم كان الفراق رغمًا عنا، وها هي تعود من جديد في وقت شدتي، وبعدها تتوارى خلف غيابها الأبدي.
بقلم/ محمد كامل
مصر
إقرأ أيضا اختار معركتك