حوار مع الكاتبة فوزية البوبكري
حوارنا اليوم مختلف فنحن نتحدث مع قيمة وقامة كبيرَة فى الوسط الأدبي تؤمن بأن العمر ليس عَقبة لتحقيق الأحلام مهما كان عمرك فطالما الحلم موجود إذن يمكن تحقيقه بالجد والمثابرة دون كلل أو ملل فالحديث مع الكاتبة والشاعرة " فوزية البوبكري " التى تبلغ من العمر تسعةٌ وستون عاماً من تونس.
الدراسة والتعليم
درست الأساتذة فوزية، مستوى بكالوريا آداب ولم تدخل الجامعة وبرغم ذلك كان طوال حياتها لديها طموح لم تفقده بالرغم من ابتعادها أحياناً عن مجال الكتابة إلا أنها فى كل مرة تعود وبقوة أكبر من ذي سابق فهيَ من جيل الستينات جيل ما بعد تحرر واستقلال أغلب شعوب العالم والعالم العربي خاصة من الإستعمار فكانوا يتّقدون حماسة ولديهم طموح وأمل فى إصلاح ما أفسده الإستعمار فكانت الكتب هي مُتنفسهم الوحيد ونافذتهم على العالم .
رحلة الكتابة
الكتابة كانت ملازمةً لها منذ كانت فى سنواتها الأولى فى المدرسة ثم انقطعت بعد الزواج حتى أعادها الفيسبوك مرة ثانية للكتابة فأحسَّت وكأنها لم تنقطع وهي تكتب فى مجال الخاطرة والقصيدة النثرية والقصة القصيرة وفى كل المجالات التي تكتبها ليس هناك تفضيل بينهم ولكنها تكتب القصيدة النثرية أكثر فهي تعتقد أن القصيدة تكون أشمل فى مواضيعها أما الخاطرة تكون ذاتية أكثر على حسب رأيها.
وبعد التعرف على مجالات الكتاب التي تكتبها فننتقل إلى مرحلة تانية فى حياتها بأنها قد قامت بالمشاركة فى كتاب لمجموعة خواطر بعنوان "رسائل لم ترسل "و بالنسبة للقصيدة النثرية فقد شاركت فى كتاب مع مجموعة من الشعراء عن دار نشر تونسية ثم وجدت نفسها فى السرد فكتَبت القصة القصيرة فلها مجموعة قصصية بعنوان " لولا السواد ما كانت الأحلام بيضاء " عن دار نشر مصرية ثم كانت روايتي "رسائل مؤجلة " عن دار نشر تونسية .
الكتابة رحلة حياة
من وجهة نظرها فى الكتابة فهي ترى أن الكتابة بصمت هي دواء لقلوب لا تجيد الصراخ وهي من جيل لم يكد يجيد أو يُسمح له بالصراخ ، والكتابة حكاية إنسان يكتب عن ماضٍ مؤلم ومستقبل مخيف فهي عبارة عن كل مشاعرنا المبعثرة يحاول القلم أن يجمع شتاتها لتأتي فى شكل رواية خاطرة أشعار أو سرد روائي نتخفى خلفه فى أكثر الحالات خاصة عند المرأة.
مبارزات القراءة لجيل الستينات
ومن ناحية القراءة فهي قارئة قارئة جيدة وتحب القراءة وسنربط قراءتها بأنها من جيل الستينات حيث كانوا يطيرون بأكثر من جناح كانوا يحفظوا المعلقات ويتبارازونا فيها وفى الليْل كانوا يقرأون كل أنواع الكتب.
فكانوا مثل الخلطة العجيبة وكان شغفهم للمعارف قوي فما زالوا فى الثانوية وعرفوا ابن خلدون وروسو وفرويد فكانوا يخجلون إذا قال أحدهم بأنه لم يقرأ الأيام لطه حسين أو أنه لا يعرف سقط الزند للمعري فلم يجرؤ أحد على قول أنه لم يقرأ مدام بوڤاري أو الأبيض والأسود لستاندال.
فقد انقطعت عن الكتابة ولم تنقطع عن القراءة فهي تقرأ فى كل شئ ولكن أكثر ما يلفت انتباهها هو الإجتماعي والتاريخي والرومانسي فتحب جدا حنا مينا و Paulo Coelho وتحب الأدب البرازيلي وأدباء أمريكا اللاتينية بصفة عامة وتقرأ بالفرنسية والعربية.
الثقافة والأسلوب
ومن ناحية تأثرها بالثقافة والأسلوب فقد تأثرت فى شبابها بجبران خليل جبران؛ ولكن أكثر ما أثر فيها هو والدها بثقافته البدائية ثقافة الحياة والإنسان الذي بقى على الفطرة فهو مثلها الأعلى حتى فيما تكتب.
فأكثر الومضات التي تكتبها بعنوان الخطأ أو الصواب ناتجة عن موروثاتها من حكمته ويرى أغلب المحيطين بها أن كتاباتها يغلب عليها النفس الشعري، فهي لا تحب التعقيد فى الكتابة واستعمال الغموض فى السرد فالأفضل المراوحة بين الماضي والحاضر.
ومن ناحية الوقت المخصص للكتابة فهي تكتب فى أي وقت ليس لها وقت محدد فقد تكتب وهي تحضر وجبة لعائلتها وقد تكتب والناس نيام فترى أن فى الحقيقة فى مجتمعاتنا العربية ليس للمرأة التي تكتب رفاهية اختيار وقت الكتابة فهن يسارقن اللحظات من بين عبء المسؤوليات الاجتماعية التي تكبلهم أحيانا.
ترابط الأجيال والكتابة
وترى أن الثقافة بين الماضي والحاضر مختلفة كاختلاف العصر وتغيره فلكل عصر ثقافته فكلمة ثقافة مشتقة من كلمة ثقف وثقف العود فى اللغة هو قومه وجذبه وجعله مستقيم فإذن لا بد أن تختلف الثقافة باختلاف العود أي المتلقي.
ولكن هدف التقويم والتشذيب يجب أن لا يتغير فقط وما يختلف فيه هذا العصر هو أن النشر أصبح متاحاً للكل الغث والسمين أما بالنسبة للصعوبات التي واجهتها، فى الحقيقة لم تواجه صعوبات فكان حفيدها الأول أول دافع لها لتعود وتكتب ثم كان زوجها الذي شجعها وساعدها من حيث ما هو مرتبط بالتقنية الحديثة وأبنائها الذين ساعدوها مادياً لطبع روايتها معنويا بالإعجاب والتشجيع .
ورأيها بالنسبة للأحلام هي ما تجعلنا ننهض فى الصباح لنراه بشكل جديد يجعلنا نصحح فيه خطأ الأمس ونضع خطط للغد وكما قيل لا أحد يموت من تخمة فى الأحلام لكن من لا يحلم مات وهو على قيد الحياة.
الدعم في الحياة
وفى رحلتها وجدت من يدعمها فكل عائلتها داعمة لها مادياً ومعنويا ، وترى أن الندوات أو كل تجمع ولقاء من أجل تبادل الأفكار والتجارب فى أي ميدان لا بد أن تكون مفيدة فقط دون مجاملات .
ولخصت من وجهة نظرها أهمية الكتابة فترى أننا أمة "اقرأ " فقد كانت أول كلمة نزلت من القرآن والقلم كان أول ماخلق الله، فالكتابة لن تكون ذات قيمة اذا لم تجد قراء وللأسف نحن أمة لا تقرأ، والشعوب المتقدمة ما تقدمت إلا بانتشار المعرفة فكل أملنا أن تتحسن نسبة القراء فى بلادنا حتى نلحق بمن سبقونا سنوات ضوئية.
الهوايات
وبجانب الكتابة تمتلك هوايات أخرى فهي تمارس هواية الطبخ الذي ترى أنه مثل الكتابة لابد أن تحبه وتتقنه ويكون الشكل مغري والطعم لذيذ حتى تستسيغه.
ولديها مخططات مستقبلية على وشك التنفيذ فلها رواية قيد الكتابة ومجموعة قصصية ستحاول أن يتم نشرها فى عيد ميلادها السبعون بإذن الله.
وتقدم نصيحتها للشباب بأن لا يصدقوا أن الزمن الماضي كان جميلا كليا وأنه أفضل من زمنهم، بالعكس نحن نمتلك كل مقومات النجاح ، فأدوات النشر أصبحت أسهل و إيجاد المعلومة أيسر وكل المراجع والروايات متوفرة بضغطة زر ، ثم حتى تكتبوا اقرؤو ثم اقرؤوا ثم اقرؤوا وهناك حديث شريف " إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسه " .
إقرأ أيضا لماذا أنا
وفى نهاية هذا الحوار الممتع نتقدم بجزيل الشكر للكاتبة فوزية البوبكري متمنين لها دوام التميز والنجاح .
حوار/ أميرة خضراوي