إفتقاد الذات
إقرأ أيضا السماعة الطبية
هل يشتاق الإنسان إلى نفسه؟
أجل، يشتاق عندما تتغير معالم روحه، يضل القلب طريقه، عندما يتحول من شخصٍ مرحٍ، بشوش الوجه، حنون القلب، إلى شخصٍ بارد القلب، متشتت، ضائع عن الطريق، اللامبالاة على وجهه، تتوهج العيون بالحزن، وبداخله براكين مثارة، نعم، أشتاق إلى نفسي القديمة، الحنونة المرحة، ذات الوجه الصافي، البعيد عن الكلل والشجن، لم أختَر هذا قط، بل أجبرتُ عليه من قسوة الأيام التي تنحر وجداني بلا شفقة أو رحمة، فقدت ثقتي في كافة الوعود، جميعها في نظري وعود زائفة، شيدت حولي جدارًا، ابتعدت عن الجميع، الأهل والأصحاب، نفدت طاقتي، لست قادرة على فعل شيء سوى البكاء بنشيج حار، هكذا أفرغ طاقتي، وعندما تجف أبحر عيوني الباكية، ألجأ للكتابة، وأحيانًا أخرى أبكي من غير دموع بلا شهقات، هذا ما يجعلني أبدو أمام الآخرين أنني بخير، بينما قلبي يحترق، دائمًا ما ألتزم بالصمتِ، ولا أبوح عمَّا في داخلي، وكُلما زاد صمتي كُلما زادت حممي البركانية بداخلي؛ لأفقد السيطرة عليها، وتخرج على هيئة صراخات وانفعالات، ولكني احترقت من داخلي، وآلَت روحي رمادًا، وصار فؤادي ينبض فحمًا، ويضخ آهات، كهلت روحي لتصبح عجوزًا من الشجن والهموم الذين تحملهم، تنزف وجعًا وقهرًا، انطفأت الحياة بأعيني، رافضة أن أخوض تجربة في أي شيء؛ بسبب خوفي من تكرار ما حدث في الماضي، واسترجاع ذكريات سيئة، مترددة بين الشجاعة والخوف، وهذا يجعلني أفقد صوابي ويتلاشى شعور السكينة في كل شيء أتم إنجازه، فلا غربة أشد وطأة من غربة الروح على الروح، ولا حنين أثقل من حنين الإنسان إلى ذاته القديمة.
كتبتها/ فاطمة محمد