حوار مع الدكتور محمد وجيه

 لم تكن الصراحة أو الصرامة عيبا، بل هي صفة التزم بها ضيفنا لتكلل خلقه، وهذا ما سنعرفه في حوار مع الدكتور محمد وجيه، فهو ليس مجرد عابر سبيل على المشهد الأدبي؛ بل قيمة حاضرة بصفتيه ككاتب وناشر عربي، فلنعرف المزيد عنه معاً.

حوار مع الدكتور محمد وجيه



 بالبداية نتعرف على الدكتور محمد وجيه؟

محمد محمد وجيه، من مواليد محافظة بورسعيد، شاعر وكاتب، رئيس نادي أدب بورفؤاد، عضو اتحاد الكُتاب والأدباء الأردنيين.

 عضو اتحاد كُتاب آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، وأخيراً ناشر (رئيس مجلس إدارة ديوان العرب للنشر والتوزيع).

كيف بدأ النشاط الأدبي لحضرتك؟

رحلة الكتابة بدأت في مرحلة مبكرة حيث كان القلم رفيقاً والكتاب صديقاً، فلم أكن شخصاً اجتماعياً، ثم تطورت الرحلة بتطور المراحل العمرية؛ إلى أن بدأت بأول إصداراتي ديوان شعر فصحى بعنوان (نزيف القلب العاشق)،  ثم تلى ذلك ديوان آخر بالعامية بعنوان (أحلام ميتة)،ثم الرواية الوحيدة بعنوان(ولد ولم يولد).

 ومن ثَم جاء تأسيس دار ديوان العرب، في مهدها أصدرت الديوان الثالث لي بالعامية أيضاً بعنوان (مدرسة إبليس) ثم ديوان فصحى بعنوان (الوتر الحزين)، وبفضل الله اتسعت الدار ونالت ثقة ومصداقية لدى الأدباء فازدهرت الدار وتوقفت كتاباتي الأدبية..

حوار مع الدكتور محمد وجيه

كيف نشأ كيان ديوان العرب، وما المعوقات التي واجهت بداية الفكرة؟

كان تأسيس ديوان العرب مجرد فكرة أو أمل بعد جولة عابرة رأيت من خلالها السلبيات والإيجابيات في دور النشر ومقارنة بأحلام الأدباء وجدت الكثير من الاستغلال والمتاجرة بأحلام الكاتب فعزمت النية أن يتم تأسيس صرح أدبي دون متاجرة دون استغلال مع تصحيح السلبيات التي رأيتها في الآخرين.

كان الله عونا لنا دائما الحمد لله وسارت الخطوات بشكل كامل من توفيق الله وسرعان ما تمت وازدهرت وشهد الكثير أن ديوان العرب في مهدها لا يمكن أن تحقق ذلك إلا في عشر سنوات على الأقل ولم تكن الدار أكملت عامها الأول.

حوار مع الدكتور محمد وجيه

الكاتب محمد وجيه اسم يشهد له بالوسط، هل يمكن أن نلقي نظرة على أعمالك؟

ذكرت سلفا بعض الإصدارات التي صدرت بالفعل وحاليا تحت الطبع

  • الحجاج البريء المصلوب زورا (دراسة تاريخية بمعالجة روائية)
  • اركب معنا (رواية اجتماعية)
  • عندما ترعى الذئاب الغنم (رواية فلسفية)
حوار مع الدكتور محمد وجيه

هل اختلفت رؤيتك للمشهد الأدبي ما بين وجودك ككاتب وناشر؟

بكل تأكيد لا، فقد عانيت ككاتب في بدء رحلتي ولمست كل شيء وسكن قلبي وكان ذلك هو أساس الأساس لإنشاء دار نشر، فمنذ الوهلة الأولى توكلت على الله ووضعت أمام عيني (رحمة وإنسانية) وسرت على هذا النهج منذ افتتاحها وإلى يومنا هذا وبأمر الله تعالى لن أتنحى عن هذا المبدأ قيد أنملة ما دمت حيا.

بالفترة الأخيرة انتشر مفهوم الشللية؛ ما مدى تأثيره على النشاط الثقافي؟

 أمر غاية في الخطورة ولها توابع سيئة جدا وما يحدث من معاناة حاليا في اتجاهات عدة بسبب الشللية التي صنعت من أشباه النجوم نجوما وجعلت النجوم تغادر سماء الأدب محبطة خاسرة تلعن الحظ والوضع الراهن، وغير ذلك الكثير من التكبر والغرور والذي من المنطق ألا يصاحب أي كاتب لأنه البئر المظلمة التي يسقط فيها الكاتب فينهار عاجلا أم آجلا وهذا كله من صنع الشللية، إلى جانب فساد الذوق العام والذي تسبب في حالة التردي التي نحن عليها في كل الفنون لأن القلم هو أساسها جميعا وما زالت العواقب وخيمة.

نلاحظ جميعا الكتابات العامية والإسكريبتات وغيرها تتواجد بالإنترنت، من واقع تلك الأحداث كيف تؤثر الميديا على الكتابة بشكل عام، ومستوى نهضة الأدب بشكل خاص؟

الكتابات باللغة العامية لها جمهور ولها شعبية ولها نجوم وعباقرة نردد حروفهم ليومنا هذا؛ لكن إن كانت عامية هادفة ذات مضمون وهدف راقٍ؛ لكن وبكل أسف معظم ما ينشر حالياً لا يمت للعامية ولا للأدب بشكل عام بأي صلة ولكن المجاملات والشللية هم أساس هذا الفساد.

الميديا لها إيجابيات رائعة فقد اتصل العالم أجمع ببعضه البعض من خلالها وساعد ذلك في انتشار الكلمة بشكل مذهل إلى جانب خزائن المعلومات التي كانت تحتاج أيام وربما أشهر للحصول عليها وحاليا أصبحت في المتناول في بضع دقائق.

حوار مع الدكتور محمد وجيه

المشكلة الكبرى في سوء استخدام الميديا وخرق قواعد الأدب والأخلاق وتدمير العادات والتقاليد، بل أعظم الكوارث والتي تحدث من خلال الميديا تدمير الرموز والعقائد عن طريق شرذمة من مدعي الأدب والدين، حسبنا الله ونعم الوكيل.

الجميع يعرف مدى صرامة وصراحة حضرتك، فكيف تؤثر تلك القيمة بوجودك كناقد، وكيف أثرت عليك بوجه خاص ككاتب، ومدى تأثيرها على عملك القادم بمعرض الكتاب؟

الحمد لله رب العالمين أسعد جدا بذلك وليشهد الله أني لم أنافق (أجامل) أحدا لأني مؤمن أن المجاملة تضر ولا تفيد والقول قول سيدنا عمر: ( أحبكم من أهدى إليّ عيوبي).

 أما التأثير فهو يأخذ اتجاهين أولهما من يرحب بذلك ليصحح سلبياته وقبل أن يفعل ذلك يجب أن نتناقش فليس من الضروري أن أكون أصبت فإن اقتنع فليصحح المسار من أجل الرقي؛ أما الاتجاه الثاني من يرى النقد أو بالأدق الرأي المعاكس له (تحطيم وهدم) أو يصاحبه نوع من التكبر والتعالي ناسيا وناكرا ( أن فوق كل ذي علم عليم) وأننا جميعا مهما بلغت بنا الدرجة من العلم والثقافة فإننا بلا استناء ( ما أوتيتم من العلم إلا قليلا).

وأما عن تأثيرها عليّ ككاتب فهي تعد قمة الصدق فيما أكتب وما يكتب بصدق فهو من القلب وما من القلب يصل لقلوب الآخرين سريعا ويجب أن يكون الكل صادقا مع نفسه أولا وأن يقيم ويواجه نفسه دائما (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا).

النشر وصناعة الكتاب واحدة من الصناعات التي كانت الأكثر شهرة في مصر، لكن اليوم نلاحظ ارتفاع أسعار الكتب، كيف ترى اتجاه تلك الصناعة بالفترة القادمة كناشر؟

 الحال يرثى له حقا لأنها عملية تتابعية على النحو التالي: ارتفاع أسعار الورق والأحبار هو ارتفاع لسعر الطباعة وبالتالي ارتفاع لسعر الكتاب نفسه.

 نجد هنا أن الطباعة أصحبت أمرا عسيرا على الكاتب وأمرا محزنا على الناشر فنجاح العمل مرتبط بمبيعاته حتى لو المبيع بدون أي ربح فما يهتم به الكاتب والناشر على حد سواء هو انتشار العمل ومع هذا الارتفاع والظروف الاقتصادية المحيطة أصبح هناك أولويات أخرى أكثر ضرورة؛ إلى جانب تهميش الثقافة والمثقفين وكأنه مخطط لتدمير الفكر.

 وليس هذا فقط فهناك أسباب وعوامل كثيرة وتحتاج الكثير من الشرح لفهم منظومة كاملة ومخطط مشبوه يتم تنفيذه.

ديوان العرب اشتهرت في الفترة الماضية بشكل مبهر، وقد كان هناك عدة توجهات تبنتها الدار لدعم الموهبة، هل يمكن أن نعرف هذه السياسة؟

 كما ذكرت في النقاط السابقة كان الهدف الأول والثابت ألا نعسر على الأدباء الحلم الأدبي فكان شعار الدار هدفا وليس مجرد شعار (حقق حلمك) لكنا بلا استثناء كفريق عمل مؤمنون به ونسعى إلى تحقيقه دائما وأبدا بأمر الله تعالى فلابد أن تسود الإنسانية والرحمة كل تعاملاتنا وليست الأدبية فقط فلا أبالغ إن قُلت إني أسست صرحا لإعادة الإنسانية إلى القلوب وسوف يدرك المغزى من كلامي من تعامل معي عن قرب؛ لهذا سوف نكمل بأمر الله تعالى على نفس النهج بتقديم الدعم والمساندة لكل قلم راقٍ ونعيد الأمور إلى نصابها الصحيح..

بعد معرض عمان وبني غازي مرورا بالرياض، ما توقعك لمعرض القاهرة القادم، وكيف سنرى الأعمال به؟

نتوقع الخير بأمر الله فمعرض القاهرة يعد من أكبر وأضخم المعارض العربية والمشاركة به إضافة لكل كاتب لما يصاحبه من متابعة واهتمام فهو إثراء للحراك الثقافي والأدبي لما يحمل من خزائن الكتب المتعددة والتي عادة ما يستعد لها القراء جميعا قبل الأدباء لاقتناء الكثير منها.

أما عن إصدارات الدار ندعو الله جميعا أن يوفقنا فقد اجتهدنا حقا في كل الأعمال وبذلنا أقصى جهد ممكن لتنال رضا الكاتب والقارئ معا وقبلهم أن ترضي الله ثم ضمائرنا فهم أساس التوفيق والنجاح؛ تدخل ديوان العرب معرض القاهرة القادم 2023 بعدد من الإصدارات الجديدة بفضل الله جيد وهو ما يمثل 508 إصدار جديد هذا العام..

ما هي مقومات الكاتب ومتى نطلق عليه هذا اللقب، خاصة مع وجود الآلاف من الكُتاب بالعشر سنوات الماضية؟

الكاتب الحق هو أولا رقيب على نفسه يحاسب نفسه أول بأول ويعالج سلبياته ويسعى دائما مهما بلغ إلى التطوير والرقي، ألا يغتر بكلمات الآخرين لكن عليه أن يأخذ كل الآراء على محمل الجد، السلبي منها والإيجابي ويفكر ويحكم عقله ويأخذ منها ما يفيده ويرتقي به فلا قولا هينا ولا رأيا مهما كان صاحبه يستحق أن نهمله، إلى جانب العديد من المقاومات الإبداعية التي يجب أن تتوافر في الكاتب وأهمها إيمانه بنفسه فالإيمان أساس بل أساس الأساس للصمود والتحدي واجتياز كل الصعاب..

من الكاتب الذي يستحق الشهرة التي حصدها، ومن لم يستحقها من وجهة نظرك كناشر وكاتب؟

 هناك الكثير من الأدباء مستواهم جيد ولا أود أن أذكر أحدا بشكل خاص لكن كل من أجد به بذرة صالحة أدعمه إما بتواصل شخصي أو عن بعد دون أن يشعر، أتابع وأترقب وأقدم النصح ما استطعت وعلى الله التوفيق.

ما آخر أعمالك الأدبية والتي ننتظر صدورها بمعرض الكتاب، وما منهجه الأدبي، وأكثر المقولات والتي ارتبطت بعقلك من هذه الكتب؟

آخر الأعمال (عندما ترعى الذئاب الغنم) هي رواية فلسفية تتحدث في مجملها عن الخط الزمني للإنسانية وكيف للإنسان أن يخطئ في ربط ماضيه بحاضره فيهدم مستقبله؛ فكانت فلسفة للحياة بشكل عام، أتمنى أن تلقى القبول.

 لا أنتمي للمقولات المؤثرة وانتمائي الأساسي والوحيد لكتاب الله، هو منهج ودستور حياة كاملة به شرح ديني وعلمي وفلسفي وتاريخي، به كل ما يخطر بقلب بشر فلمَ ألجأ لغيره وهو كافٍ؟

إقرأ أيضا في رحلة مطولة.

بنهاية هذا الحديث بماذا يمكن أن تنصح الموهوبين قبل نشر أعمالهم وبحياتهم؟

أوجه النصح بالتروي وما خاب من استشار فعليك باستشارة أولي العلم وتقبل النصح والإرشاد، ألا يتعجلوا الخطوة الأولى فهي محسوبة عليهم أبد الدهر فكل شيء بقدر فلا نتعجل قدر قد يكون خطوة فناء ونظنه خطوة بناء...

في الختام أوجه الشكر لكم على هذه الأسئلة الرائعة والشاملة لكل شيء وأسأل الله لكم التوفيق.

كما أشكر كل كاتب وكاتبة وثقوا بنا فكانوا الحافز والطاقة الإيجابية التي دفعتنا للأمام بقوة مذهلة ونتمنى من الله أن نكون عند حسن ظنهم جميعا.

أشكر فريق عمل لا يهدأ ولا ينام لكي يحقق الأحلام، فريق عمل ينطبق عليه قول الله تعالى ( رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه)

ورغم أن جميعهم من النساء إلا أنهم يعادلون مئات الرجال حقا قولا وفعلا ويشهد بحسن ورقي تعاملهم الجميع.. أقول لهن أنتن أعمدة ديوان العرب الساهرة المضحية فشكرا لكنَّ من أعماق القلب

شكرا للجميع والله الموفق والمستعان


حوار/ أميرة إسماعيل 


أميرة إسماعيل

عندما تعيش عصراً يبدأ بقلم وورقة ولوح سبورة، وتجد نفسك في عشرة أعوام تشاهد اضمحلال القلم وظهور المدونات وعلوم التكنولوجيا والاتصالات فهذا يعني إنك إنسان، في هذا العالم سنربط بين عالم الواقع الماضي من كتب ومدونات إلى عالم التكنولوجيا والسيرفرات

إرسال تعليق

أحدث أقدم