أكتب إليك

 "أكتب إليك" 

أكتب إليك

في غرفتي حيث تجتمع أحزاني وتكسوني آلامي، نثرتُ أوراق دفتري وأقلامي وتطايرت الرسائل التي كتبتها إليكَ الواحدة تلو الأخرى بدأت تتساقط حولي، وتساقطتُ معها مش كثرة حزني وشدة آلامي، بكيتُ كثيرًا أو قليلًا، لا أدري حقًا، ولكنني غفوت لبرهةٍ ورأيتُكَ خلالها، ربما مرَّ طيفكَ في حلمي، وربما مررت أنت حقًا، كنتُ كالمغيبة لا أدرك أأنا في الواقع أم كل هذا من خيالي اللعين؟!
ولكنني استيقظت وبدأتُ أسرد لكَ ما حدث ليّ، كيف إنهارت قواي؟!
وكيف عدتُ مجددًا إلى وحدتي؟!
أمسكتً قلمي ولملمتُ رسائل دفتري، وعدتُ أكتبُ إليكَ، وحين بدأتُ بكتابة أولى أحرفي، أرتعشت يداي، ولم أقوى على الكتابة، وسقط القلم من بين أصابعي، وأغرقت الدموع أوراقي، وعدتُ إلى نوبة بكائي مجددًا، وما إن هدأت؛ حتى التقطتُ قلمي، وبدأتُ أكتبُ رسالةً أخرى.
" عزيزي القابع في الجزء الآخر من العالم، كيف حالك؟!
أنا لستُ بخير، لم يعد بإمكاني مواجهه هذا العالم مرةً أخرى، فالعالم حقًا قاسي، جاحد، مليء بالفساد والكراهية، وأنا بينهم كالوردة الذابلة، فلا يمكنني أن أسير مثلهم، وأصبح مسخًا لا أشبهني، ولا هم يستطيعوا العودة إلى بشريتهم مجددًا، حين كنتُ صغيرة تمنيتُ كثيرًا أن أخرج إلى العالم؛ لأستكشف ماهيته، فقد لمع في عيني بريق قد غاب الآن، وربما تحطم مع أول خروجٌ لي إلى عالمهم، لم أدرك أن الخارج ما هو إلا غابة يعيش فيها وحوش بشرية، وليست حيوانات؛ لأن الحيوانات يشفق أصحاب القطيع الواحد على بعضهم البعض، بينما نحن فلا، نحن من يستطيع أن يقتل أخاه أولًا؛ فقد ربح وأصبح هو الأقوى  والقوة العظمى، أهذا العالم خُلق لأمثالي؟!
أيعقل أن أعيش بينهم؟!
لا لم أستطع ذلك، أتدري كم من المرات عدتُ إلى غرفتي باكية، وزاهدة في عالمهم!
كم من المرات شكوت إليكَ قسوتهم!
ولكنك لست هنا، ولم تجيبني ولو لمرةٍ واحدة، ليتكَ تُرسل إليّ رسالةً واحدة؛ لكي يطمئن قلبي، وأشعر أنني لستُ الوحيد في هذا العالم الذي يحارب بمفرده، وحين ينهزم يعود منكسرًا إلى غرفته، ليستجمع قواه ويعود ليحارب من جديد، أنت مثلي أعلم ذلك جيدًا، ولكن ربما عالمنا مختلف، ربما عالمك أنت يسوده الحب، وتنتشر رائحة الأزهار في شوارع مدينتك، وزُينت الطرقات بالورود والألوان الزاهية عكسي تمامًا، فشوارع مدينتي مُلئت برائحة الحرائق، ولونت طُرقها بلون الدماء الأحمر، وسمائها أصبحت سوداء من كثرة الحروب والخراب الذي عم جميع أركانها، لا تأتي إلى عالمي يا نبض دعك مني ومن تُرهاتي تلك، فأنا وأنت ربما لن نجتمع هنا، ربما كَتبت الأقدار شيئًا أخر، أتمنى منكَ أن تدعو ليَّ، وأن تهون تلك الأيام وتمر سريعًا لأرحل عن هنا، ولكن أريده رحيلًا أبديًا، فأنا حقًا قد سئمت، والآن لا أريدك أن تحزن على حالي هذا، أريدك أن تكون بخير، فقط بخير لأجلي وأجلك، وأخيرًا،
أشتاقكك".

شيماء_حسانين"رحيل"

إرسال تعليق

أحدث أقدم