اليوم في ال حوار مع الدكتور محمد فتحي عبد العال، سنتعامل مع كاتب ذو قيمة وقامة كبيرة فى مجال الكتابة؛ لَه العديد من الكتب والمقالات الأدبية، يمتاز بأسلوبه الراقي فى طرح موضوعاته ويسعى دائماً لإثراء الأدب وترك بصمة خاصة ويرى أنّ الكتابة لا بد أن تكون رسالة هادِفَة وهذا ما ينعكس فى كتاباته.
من هو الدكتور محمد فتحي عبد العال؟
محمد فتحي عبد العال، 40 عام، مصري مقيم بالمملكة العربية السعودية، حاصل على درجة بكالوريوس صيدلة وماجستير فى الكيمياء الحيوية، اكتب في المجالات العلمية، والأدبية، والفكرية.
متى اكتشفت حبك للكتابة وكيف طورت تلك الموهبة؟
اكتشفتها عندما كنت بالمرحلة الإعدادية، وطرتها عبر المزيد من القراءة والبحث فى كتب التراث وكتب المفكرين والمؤرخين والأدباء وعبر الفهم النقدي والتحليلي الذي تعلمته مع الوقت.
ما سر حبك للكتابة ؟
الكتابة هي مُتنفسي للحياة وسط مشاق العمل والالتزامات وملاذي فى لحظات الضيق والكآبة .
ما الأوقات المفضلة لديكَ للكتابة؟ وماذا تعني لك؟
أنا أعمل طوال الوقت نظراً لظروف عملي، لذلك ليس لدي رفاهية اختيار الوقت، لكني اختلسه بعد انتهاء فترات العمل لأفتح أوراقي وأسرح مع الكتابة.
هي الحياة بكل ما تعنيها، والصداقة التي لم أشعر بها يوماً مع بشر. .
حدثنا عن بداياتك؟ والخطوات الفعلية بها؟
بدأت بالكتابة فى النادي الأدبي والجمعية العلمية بكلية الصيدلة جامعة الزقازيق، ثم مدونات مصراوي والنسخة العربية من الموقع الأمريكي هافينغتون بوست، وبوابة الحضارات التابعة لمؤسسة الأهرام، والعديد من الصحف العربية والدولية.
فحاليا لي مئات المقالات المنشورة، وما يقرب من أربعين كتاباً بين كتب منفردة وأخرى مشتركة في مجالات أدبية، وعلمية وتاريخية.
حدثنا عن بعض من إنجازاتك؟
أعتبر إصداراتي المتعددة وكتاباتي بمصر وخارجها أعظم إنجازاتي والحمد لله رب العالمين.
هل واجهتك الصعوبات أثناء سعيك بالتواجد في المشهد الأدبي؟ والحافز الذي دعمك للاستمرار؟
كثيرا جدا خاصة فى بدايات النشر عبر الصحف والمواقع الإلكترونية.
كما أنه بعد الثقة بالله عزو جل، امتلك عناداً لا حد له وإصراراً على النجاح والرغبة في الوصول لقمة الهرم الأدبي فى مصر والعالم العربي يوماً ما بإذن الله.
ما رأيك فى الأدب الآن بشكل عام؟
مجال خصب للإبداع والخيال، يزدحم بالمنافسة من كل حدب وصوب، وشق طريق من خلاله أمر شاق لكنه يستحق خوض الغمار على أية حال.
إقرأ أيضا هل يمكن أن يُنشأ البشر حضارة إصطناعية على كوكب آخر
ما أسلوبك المتبع فى الكتابة؟ وأي الأعمال الأدبية احب لقلبك؟
أتبع أسلوباً سهلاً بعيداً عن التعقيد ينقل للقارىء علماً وتاريخاً فى قالب أدبي يحقق الإفادة .
وأحب الأعمال لي، كتاب نوستالجيا الواقع والأوهام وكتاب صفحات من التاريخ الأخلاقي بمصر .
واعتبر كتابي جائحة العصر بشرة خير بالنسبة لي حيث يثلج صدري رؤيته مرجعا في كثير من رسائل الماجستير والدكتوراه بعدد من الدول .
ما بين الموهبة والتخصص شتان، فكلاهما حسب الدراسات العلمية يختلفان في مناطق التحكم فكيف استطعت التوفيق بينهما؟
التخصص العلمي تحديداً كان مُعينا لي فى تنمية الموهبة الأدبية وإصقالها، والبحث عن موضوعات جديدة فى سبيل الخروج بالأدب والقصص من التسلية والترفيه الحالي إلى الجدية والمعلوماتية الهادفة والمنشودة، فمثلا في روايتي ساعة عدل، تحدثت عن بعض الجوانب الخاصة بالجودة الطبية وهو مجال جديد فى التناول على الساحة الأدبية.
كيف أثر التخصص العلمي والذي يعد من فروع العلم القديم فى كتاباتك؟
كما أوضحت فى إجابة السؤال السابق وأضيف عليه أن التخصص العلمي يمنحك القدرة على سبر أغوار الروايات التاريخية المتعددة ومقارنة الأدلة العلمية والوقوف على أقربها للصواب والحقيقة وأبعدها عن الزيف والانتحال، وفى كتابي على هامش التاريخ والأدب أخضعت بعض القصص التاريخي الشهير لأدوات العلم للوقوف على مدى منطقية بعض الأحداث فيها بشكل محايد ويعبر بدقة عن جوهر الشخصيات التاريخية بمفازاة عن المثالية والتوقير المبالغ فيه.
الكتابة والمعرفة يختلفان ويجتمعان كيف ترى تلك الجملة على مستوى الأدب العربي والعالمي؟
الكتابة والمعرفة خطان خُلقا ليتماسا لا ليختلفا أو يتنافرا محلياً وعالمياً، فكتابة بلا معرفة جهل وإظلام، ومعرفة بلا توثيق ونقل كتابي أمين ضياع، وإفقار المعرفة من ضروريات الكتابة الرشيدة النافعة، والكتابة من ضروريات حفظ المعارف والعلوم ونقلها ونشرها بين العامة والخاصة.
ما زاد عن أربعين عمل أدبي اختلفت به الأجناس الأدبية، كيف كان تطور تلك الموهبة ما بين الإلهام إلى الإتقان والتمكُّن منها ومن أدواتها؟
لقد خضت عبر الأربعين كتابا تجارب فكرية مختلفة عبّرت عن توجهاتي وآرائي وأحلامي وتقلباتي الفكرية أيضاً، فالأربعين كتاباً هم أربعين سنة من عمري بكل ما شاهدته وتعلمته وعرفته وسمعته ما أصبت فيه وما أخطئت وما أحببت فعله وما احجمت عنه مع كل كتاب تجربة وجهد وعمل متواصل وأنا فخور بتجاربي جميعها.
المبادرات والنشاطات الثقافية أصبحت أحد وجوه المشهد الأدبي فى الميديا، كيف ترى تلك الحِراكات الثقافية وتأثيرها على دور الأدب والعلم، وما أقرب تلك الكيانات لك ولمست دورها الحقيقي؟
فى هذا المشهد الثقافي الحالي المضطرب والمزدحم وسط ظروف معيشية صعبة جعلت من الكتاب سلعة ترفيهية غالية الثمن لا يُقبل عليها إلا قلة قليلة، فالمبادرات الثقافية لتبني المواهب والنشر على جميع أشكالها وأنواعها، قليلها وكثيرها اعتبرها جهود مشكورة ومحمودة تستحق الثناء على أصحابها الذين حملوا على عاتقهم مهمة جليلة ألا وهي أمانة القلم وحفظ الكلمة ولا يشكر الله من لا يشكر الناس.
وأخص بالشكر دار ديوان العرب للنشر والتوزيع وجهودهم الطيبة والصادقة والمتميزة في دعم المواهب وتقديم أشكال الدعم المختلفة لأعمالهم واعتبر تجربتي معهم تجربة مميزة تستحق الشكر والتقدير.
الكتاب الورقي له شغفه ورونقه للكاتب الذي يعد قارئ فى البداية، لكن فى فترات الطفولة قد نجد صعوبات للتعامل معه، كيف يمكن تسليط الضوء على تلك النقطة بالنسبة لك ما بين تواجده والحصول عليه فى الماضي والحاضر؟
الكتاب فى مراحل الطفولة خاصة في جيلي كان له سحره وشغفه فالكل ينتظر صدور الأعداد القادمة من سلاسل معينة كرجل المستحيل وملف المستقبل وروائع الأدب العالمي ومكتبة الأسرة المشروع الكبير، والجميع يتباهى بأنه أتم جمع عدداً من المجلات العربية مثل ماجد وعلاء الدين وقطر الندى..
كنا جيل يحب القراءة ويواظب على الادخار من مصروفه للذهاب لمعرض القاهرة الدولي للكتاب سنويا وكان للكتب المترجمة فى التنمية البشرية بريق آخاذ والتي كانت تصدر عن مكتبة جرير ولا فرصة لنا في شرائها إلا بمعرض الكتاب، اليوم الأمور اختلفت وأصبح الكتاب الورقي تنافسه وسائط متعددة لم تكن في الماضي، فالمكتبات الإلكترونية حافلة بالمؤلفات القابلة للتحميل على الهاتف المحمول أو الكمبيوتر اللوحي فى شتى المجالات، كما أضحى الفيس بوك وسيلة من وسائل تبادل المعلومات والموضوعات والخبرات، والويكبيديا العربية أصبحت تقدم خدمات معرفية كثيرة بضغطة زر فضلا عن العالم المرئي كاليوتيوب والبرامج الثقافية على القنوات التليفزيونية حول العالم أصبحت وسائل للمعرفة أسهل طريق وأقل كلفة من الكتاب الورقي.
هل يمكن القول أن الكتابات العلمية والمتخصصة لها وجود ملموس فى المشهد العربي بجوار الصنوف الأدبية الأخرى؟
موجودة لكنها إما قديمة للغاية والعلوم فى تقدم مستمر وإما أنها مبادرات فردية من أصحابها وهي قليلة ولا تكفي لتقديم كل هذا الكم من المعارف المختلفة ولا يسلط عليها الضوء بشكل كاف وتتوقف برحيل أصحابها .
ترجمة المعارف وتقديم كتب متخصصة حديثة وتلائم تطورات العصر مسألة تحتاج لتضافر جهود الدولة مع القطاع الخاص ومع المتخصصين الأكفاء لتقديم مشروع ثقافي علمي متكامل في شتى المجالات ولكن للأسف لا أجد من التجارب العربية الحالية سوى الكويت والتي تعكف ولا تزال على تقديم سلسلة عالم المعرفة وترجمة الكتب الحديثة فى شتى المجالات، والإمارات فى تقديم النسخة العربية من مجلة العلوم الأمريكية ناشيونال جيوغرافيك فيما توقفت الجهود الحكومية المصرية فى مرحلة الستينات من القرن المنصرم.
هلا تُخبرنا عن بعض هواياتُك الأخرى؟
أمارس رياضة المشي واستمع للموسيقى خاصة القديمة.
هل الكلام السلبي يأخذ حيّز من فكرك أم أنكَ لا تُعطيه قدراً من الأهمية؟
كل الآراء أستفيد منها فى تطوير ذاتي وكتاباتي حتى وإن جاءت سلبية ومحبطة وأقف على مسافة واحدة من الجميع لا أبحث عن مدح ولا أكره لنقد.
ما خططك المستقبلية؟ ورسالتك من خلاك كتاباتك؟
أعمل حالياً على تحقيق مخطوطين نادرين وهو أمر جديد بالنسبة لي وتجربة استمتع بها .
وكما أنّ التاريخ بعيداً عن المثالية المفرطة هُوَ دروس وعِبَر إنٍ فهِمْناها حقاً لَتَقدَّمنا فى دروب الريادة والتميز والازدهار لكن قَلّما نتعلم من التاريخ لأننا نقرأه للامتاع والتسلية وحسب.
ما النصيحة التي تُقدمها للشباب؟ والمقولة المفضلة لك؟
الصبر والتحمل والعمل والقراءة والتعلم من التجارب مفاتيح النجاح.
مقولة ألبرت اينشتاين:
لا تسعى أن تكون ناجحاً ولكن كن ذا قيمة .
فى نهاية الحوار سعِدت بالمُحاورة مع شخصية مُثقفة وفكرها راقى فنتقدم بالشكر لدكتور محمد فتحي عبد العال ونتمنى له المزيد من التقدم والنجاح فيما هُوَ قادم.
حوار/ أميرة الخضراوي