شجن الليل
نحتاج إلى العزلة لترتيب أفكارنا، والابتعاد عن العالم لحظات، في هويد الليل، والسماء متلألئة بالنجوم، والقمر بدرٌ، طقس ملائم للسهر والسمر، تجلس شابة يافعة، ولكن يسكن في فؤادها أشجان وحنين، تجلس بقرب نافِذة غرفتها، تتأمل السماء بشجن سافِر على وجهها، والهواء يداعب وجهها وخصلات شعرها، تُناجي خالقها: هون على قلبي يا الله؛ فإن فيه من الألم ما لا يعلمه غيرك، الهوان فتت فؤادي، غدر بي أقربهم إليّ، احترقت جميع الأمنيات، قتل العشم بالخذلان، ضاع الطريق، هلكت الروح، فقدت الشغف، أوغل الابتهاج، فطر القلب، لاح الشجن ملامِحي، قتلت الأحلام، حاولت أن أَجمع حطَام قَلبِي، ولَكِنها أفلِتَتْ مِنْ يَدِي وأصبَحت فُتاتًا، ومن يكِن له قلبي حبًا أوْغَل عني في عز شدتي واحتياجي إليه، مثل فلسطين خربوني، وكان هو العرب لا يُبالي؛ ليزيد نارًا فوق النيران المعتمرة بداخلي، كلما حاولت إطفائها اشتدت أكثر، غلبني الحنين وانتظر عليّ، أقف عاجزةً أمام الذكريات، أشتاق إليه، وإلى صوته، غلف الحنين قلبي لأيامنا معًا، وهذا يجعلني تارةً أبكي، وتارة أبتسم بمرارةً، أشعر أني سأفقد عقلي من لوعة الحنين والعشق، غربت روحي، لا أستطيع سرقة بعض لحظات لنفسي؛ فقد استحوذ على فكري، يال السخرية، أأشتاق لمن تركني فريسة لحزني، ولم يأتِ في أوج الخصام ليقول لي: إنك لن تهونِي؟
بعد اليوم سيقسو قلبي، فلا عتاب، ولا حنين، ولا حب لمن استطاع جرح القلب.
كتبتها/ فاطمة محمد