في هذا اللقاء نقترب من شخصية صنعت لنفسها مكانة خاصة، وتمكنت بخطوات واثقة أن تفرض حضورها وتلفت الأنظار. حوار يحمل بين سطوره الكثير من الإلهام والتميز.
حدثنا عن سيرتك الذاتية؟
الشاعر جهاد محمد
إن كان المقصود بالسيرة الذاتية هو المسار التعليمي، فلم تسمح لي ظروفي بمواصلة التعليم النظامي ولم أحصل على شهادات عليا، ولكنني عملت على تطوير نفسي من خلال كثرة القراءة والبحث الذاتي، مما ساهم في توسيع مداركي وزيادة اطلاعي. كتبت العديد من القصائد الشعرية، ونُشر بعضها في الصحف والمجلات الثقافية، وشاركت في عدد من الأمسيات الشعرية والفعاليات. كما تأهلت لمرحلة التصفيات في برنامج "أمير الشعراء" في موسمه الحادي عشر، وكانت تجربة ثرية ومميزة، التقيت خلالها بعدد من الشعراء من مختلف الدول، وأنصح الجميع بخوض مثل هذه التجربة.
كيف كانت بدايتك مع كتابة الشعر؟ وما الذي دفعك لدخول هذا المجال؟
أؤمن بمقولة إن "الشاعر يُولد ولا يُصنع"، فالبداية لم تكن اختيارًا مني، بل وجدت نفسي أكتب منذ الصغر في حالات الفرح والحزن، وكانت القصائد انعكاسًا لما أعيشه أو أراه حولي، سواء في حياتي الشخصية أو في الواقع العام.
من كان الداعم الأول لك في مشوارك الشعري؟
والدي، رحمه الله، كان هو الداعم الأول ومعلمي الذي أدين له بالكثير، حيث كان يحرص على توفير الكتب والمواد الأدبية. ثم أستاذي في المرحلة الابتدائية خالد أبكر، الذي كان مميزًا في اهتمامه بالتلاميذ. لاحقًا، التقيت بالشاعر إبراهيم عمر صعابي الذي شجعني وأهداني كتبًا شعرية، كما أنني أعتز بدعم الشاعر عبدالله عبيد. وأشكر كل من آمن بي وساندني.
متى أدركت أنك تمتلك موهبة الشعر؟
بدأت أكتب منذ المرحلة الابتدائية، وكنت أعبر عن مشاعري بما أستطيع كتابته، رغم أن تلك الكتابات كانت بسيطة ومليئة بالهنات، إلا أنها نالت إعجاب من قرأها من الشعراء.
كيف تؤثر البيئة المحيطة بك على إبداعك؟
الإنسان ابن بيئته كما قال ابن خلدون. البيئة لها تأثير كبير على الإبداع، والشاعر يتأثر بما يراه ويعيشه. أكتب غالبًا عن الواقع الذي أعيشه، مع مزج الخيال بالحقيقة، وهذا ما يميز بعض قصائدي.
من أين تستمد إلهامك في كتابة القصائد؟ وهل هناك تجارب شخصية تؤثر على كتاباتك؟
نعم، التجارب الشخصية تؤثر كثيرًا، ولكن لا أنكر أني تأثرت ببعض الشعراء الكبار. مع ذلك، أحرص على أن تكون كتابتي نابعة من تجربتي الخاصة، بأسلوبي، بعيدًا عن التقليد.
هل تعتقد أن الشعر قادر على التعبير عن قضايا اجتماعية وسياسية؟
نعم، وبقوة. الشعر أداة تعبير قوية عن مختلف القضايا، سواء كانت اجتماعية أو سياسية أو غيرها. وقد تناولت في بعض قصائدي موضوعات كهذه، بأسلوبي الخاص.
ما هو الموضوع الذي تفضل الكتابة عنه؟ ولماذا؟
لا ألتزم بموضوع محدد، ولكن الغالب في قصائدي أنها ذاتية، تعبّر عن تجربتي الشخصية في الحياة، لأنها الأقرب إلى قلبي، والأصدق في التعبير.
هل تواجه صعوبات أثناء الكتابة؟ وكيف تتغلب عليها؟
لا أواجه صعوبات، لأنني لا أجبر نفسي على الكتابة. أترك الإلهام يأتي بطبيعته، وعندما يولد، تولد معه القصيدة.
هل هناك شعراء معاصرون تتابعهم أو تعتبرهم مصدر إلهام؟
نعم، أتابع معظم الشعراء بغض النظر عن توجهاتهم، وأحرص على متابعة تجاربهم المختلفة.
كيف أثر الشعر على حياتك الشخصية والمهنية؟
الشعر أضاف لي الكثير من الناحية الإنسانية، رغم أنني أفصل بين كوني شاعرًا وبين حياتي الشخصية والمهنية. وربما أواجه بعض الصعوبات، لكنها طبيعية.
كيف تتفاعل مع ردود فعل القراء على قصائدك؟ وهل تهتم بالنقد؟
أحرص على قراءة كل ردود الأفعال، وقد تلقيت نقدًا إيجابيًا وبناءً من القراء ومن المقربين، وهو ما يسعدني ويدفعني للتطور.
ما هي أهم إنجازاتك؟ وما هو الطموح الأكبر الذي تسعى لتحقيقه كشاعر؟
هناك إنجازات كثيرة لا يسع المجال لذكرها، لكني أعتبر كل قصيدة أنشرها وتصل إلى القراء إنجازًا. أما طموحي فهو أن أترك أثرًا وبصمة في الأدب العربي.
كيف ترى مستقبل الشعر العربي في ظل التغيرات الأدبية الحالية؟
أرى أن الشعر العربي يتطور وينضج، خاصة مع مزج الحداثة بأساليب الشعر القديمة، وأعتقد أن هذا المزج يُغني التجربة الشعرية.
ماذا تنصح الشباب الذين يريدون الدخول إلى عالم الشعر؟
أنصحهم بالقراءة الكثيرة، والاطلاع على الدواوين الشعرية القديمة والمعاصرة، وحفظ القصائد، ومواكبة كل جديد، وأن يكتبوا من أجل الأدب لا من أجل الشهرة أو الكسب.
في ختام هذا الحوار الشيق، لا يسعنا إلا أن نشكر ضيفنا الكريم على هذا الحديث الملهم والصادق، الذي أضاء لنا جانبًا من تجربته الشعرية والإنسانية. ونتمنى له دوام التألق والإبداع، وأن يستمر في إثراء الساحة الأدبية بما يكتبه من قصائد تحمل الوجدان والفكر معًا.