غابة الأحلام
أنتَ الآن على أعتاب غابة أحلامي، ترى الأشجار بداخلها أبابيل، وليس هذا فقط، بل عملاقة لدرجة تحجب بها الضَّحَّ من الوصول إلى أرضها في بداية اليوم، وفي نهايته لا ترى أشعة الوضح وهي تتخلل أوردتك وفؤادك، ولكنها لا تستطيع تجاوز حدود أفرع أشجاري المتشابكة، لتحمل قنديلك ولتأتي معي، ولكن لتكن أكثر حرصًا، فالذي ستراه الآن ربما يجعلك تفقد قدرتك على العودة إلى عالمك بالحال الذي كنت عليها قبل أن تدلف، فهل أنت مستعد؟!
يبدو عليك من نظرة الفضول التي تعتلي وجهك أنه لا بأس؛ لذلك لنمضي، هنا على جانب الطريق الممهد وحوش مفترسة تفتك بشخصٍ ما، في حقيقة الأمر هذا الشخص هو أحلامي، وتلك الوحوش ليست إلا الواقع البشع الذي أعيش بداخله، لتنتبه لخطواتك، فهنا أفاعي شرسة قد تُميتك في لحظة واحدة، لذلك لتخطو وأنت بكامل حذرك، لا تجعل الأمر يأخذ منك أكثر من برهةٍ للأستيعاب، هيا لنُكمل، وبدأنا نكمل المسير في درب قد ملأ بالأشواك، وبدأ صوته يرتفع من شدة الألم، هو ليس معتادًا، ولكنني أمضي في هذا الدرب كل يوم، لا أبالي بالدماء التي تقطر من قدميَّ، ولا أشعر بالألم، يبدو أن الأمر بالنسبة لي يمضي على ما يرام، نحن حين نعتاد شيئًا تقل وطأته، ويَمر الكثير ونحن بخير، لا تجزع الآن، لا زالت الغابة بها الأشياء التي ربما ترغب في رؤيتها، أترى هناك ذلك الرجل الكهل الذي صُلب، أتراه؟!
ماهو إلا أمنياتي الضائعة، وضحكاتي التي اندثرت يومًا بعد يومٍ في عالمكم، ماذا هناك؟!
هل هناك أمرٌ جلل؟!
لا يبدو أنك بخير، لنستريح قليلًا، هناك كوخٍ مهترئ قريب من هنا، ربما نجد شيء بداخله يروي جُوادك، أكملنا المسير إلى الكوخ، ثم ما إن اقتربنا حتى وجدناه قد بُلي للغاية، لم يعد هناك شيئًا به بخير، هنا كانت سعادتي، ويبدو أنها رحلت منذ زمن، وتركت خلفها هذه الأخشاب التي تأكلها حشرات الحزن؛ لتقضي على ما تبقى مني، ما بها كريمتاك؟!
هل تستطيع الرؤية؟!
سأحاول أن أجلب لكَ بعض الماء، فهنا كانت توجد بحيرة ذات ماءٍ عذب، نشأت من نبع الحب، وكانت تجري كشريان داخل غابتي، في حقيقة الأمر هي ما كانت تجعل الغابة تنبض في بهجة وسعادة، ولكن يبدو أنها أصابها الوهن كما حالي، يبدو أنها جفت فلا مكان للحب في عالمكم، أتمنى أن تكون بخير الآن، ها هو بعض الماء، يبدو أن البئر لم يتأثر بما يحدث حوله، لا زال يحمل الماء بداخله، أتريد أن تراه؟!
حسنًا لتستريح ثم نكمل، هناك رواسي باذخة هنا، لن تراها الآن فقد حجبها ضباب بركاني، فقد بدأ يثور، ويبدو أنه سينفجر قريبًا، لذلك علينا أن نرحل سريعًا، ولكن لترى البئر أولًا، فهذا الشيء الوحيد الذي تبقى مني، ذلك البئر هو كلماتي المتناثرة، التي لا زالت تقرأ في جُل العالم، لم أتوقف يومًا عن الكتابة وهذا ما جعله يظل كما هو، لم يتبدل منذ لحظة إنشائه، على عكس الكثير هنا، لستُ مِلسان، ولكنني أريدك أن تخرج من هنا وأنت تعلم ماذا يفعل العالم بعالمك حين تكون مختلفًا، حين تتميز عن من حولك وتصبح منبوذًا، الاختلاف في عالمك جنون وتشرد، وهذا ما جعلهم يرموني بالمراجم دون خجلٍ أو رأفة بي، أنا الآن أريك ما بداخلي لتكون حذرًا، لا تكون مثلي، لا تدع العالم يسرق برائتك، ويفترس أحلامك، لا تدعهم يسلبوك منك، أنا الآن في نهاية أمري، لقد خذلني صديقي وأشر ما أسر، ولم يكتفي بهذا فقط، بل جعلني أرى الحب يرحل مبتعدًا، لكي يغادرني، فقدتُ إيماني بالصداقة، لذلك أصبحت ذئبًا شرسًا يتغذى على فتات روحي كل ليلة، ها هو هناك بين الضباب أتراه؟!
أريد منك أن ترحل الآن، وأن لا تعود مجددًا، لا تجعل الفضول يقتلك، الحياة ليست عادلة، ولكنك يجب أن تكون، لا تؤذي من حولك، وساعد على أن تكون التغير الذي تريده أنت، كن بخير، والآن وداعًا.
كتبتها شيماء حسانين
الوسوم:
خواطر
عاااش ي قلب اختككك بالتوفيق 😍💙💙
ردحذف