إن عملية الكتابة الروائية عمل مضني و شاق, فالروائي الهاوي أمام تحدي بناء منجزه السردي بنفسه وفق أفكاره و رؤيته الخاصة و ضمن متطلبات الحياة الثقافية, و عليه أن يبذل في ذلك جهدا كبيرا لبلوغ الغاية, فالوصول إلى القمة ليس متاحا للجميع.
و شق طريق النجاح يحتاج إلى بوصلة دقيقة تمكنه من ضبط المسلك أو الخط الذي ينتهجه, فبين الالتزام و اقتفاء أثر الكتاب الكبار, و السير على نفس الخط السردي, و بين الجرأة و كسر الطابوهات و العبث في الممنوع, يجد الروائي الهاوي نفسه في مفترق الطرق, هنا تأتي إشكالية التوجه الفكري في عملية البناء السردي بعيدا عن جمالية النص و عمق الأفكار.
إننا اليوم نرى العديد من الكتاب الذين لامست أعمالهم سقف النجاح و تقلدت منجزاتهم جوائز أدبية دولية مع أنها أولى مغامراتهم الأدبية, كيف ذلك؟ يطرح العديد منا هذا التساؤل, و إذا أردنا أن نتحلى بالحس الموضوعي في تقييم هذه الأعمال و بعيدا عن الأحكام القيمية المسبقة, فإننا سنجد أن سبب النجاح هو تقييمها من ناحية خصوصية الموضوع أو الفكرة و ليس من جانب الجمالي للغة و الأسلوب و الحبكة الفنية, أو مدى التحكم في خيوط العمل الروائي أو غير ذلك, و هذا ما يدعونا كمتتبعين للفعل الثقافي في الجزائر أن نطرح فرضية أن خلف هذه المسابقات جهات إيديولوجية معينة هدفها تحويل الكتاب الهواة إلى أدوات هدامة لتحطيم المنظومة الأخلاقية للمجتمعات المحافظة.
لقد أصبح الخوض في المحذور موضة الكتاب الشباب اليوم, فنجدهم يتفننون في تعرية المستور و العبث في المقدس بل يتفاخرون بذكر الجنس و الجندر و يطعنون في الرجولة و السيطرة الذكورية و حرية المرأة بطريقة (-18), من أجل القفز فوق حدود الضوابط الدينية و الأخلاقية باسم الابداع , و بهدف جلب الأنظار و الحصول على الفتات, و ذلك في غياب الهيئات الرقابية الثقافية.
لقد أصبح القارئ اليوم و هو يجوب أجنحة المعارض متوجسا, فعليه أن لا يهدر أمواله في اقتناء روايات من صنف(-18) يقرأها و لا يستطيع أن يتركها في مكتبته خوفا من يقرأها إبنه أو زوجته.
ومن هنا فإن الفعل الإبداعي الروائي له ضوابط و شروط, و احترام ثقافة و أخلاق المتلقين واجب مقدس, أما الطموح فهو حق مشروع و محفوظ لكل الكتاب مهما اختلفت مشاربهم و توجهاتهم و أفكارهم, لكن لا يجب أن تكون الغاية مبررا للوسيلة.
بقلم/ رايس عبد القادر
كاتب قصصي و روائي هاوي
إقرأ أيضا الكاتبة حنين ياسر السيد