خطوات إلى الله
المجاهدة في الله ليس بالأمر الذي يستهان به فقلب أحدهم الآن يعتصر ألمًا كلما قرأ أية ولم يشعر بها، كلما غفل عن ذكر أو أنشغل بما يُلهيه عن الله_سبحانه_ ويبعده، يحترق كلما أصابته الغفلة عن الذكر والتسبيح، وتلك الغصة التي لا تبرحه كلما كان قريبًا ثم فجأة كأنه لم يقترب!
يتسارع قلبه فرحًا حينما يشعر بلذة من الوصل أو يلتمس القليل منها، كأنه الغيث يهطلُ على قلبه فيرتوي، يسقط ويلهو فيعود باكيًا، تَسمع أنينه كلما جلس ينظر كيف حال اخوانه في الطريق، يبكي حرقة بلا دموع، يتمنى أن ينزف أو أن تُسكب الدموع من عينه لعل الله_عزوجل_يرضى، كم هي مرهقة تلك الأيام التي يسير فيها ولا يجد قلبه، لا يجد راحته ينادي يالله، يركع ويسجد، يسبح ويهلل، يكبر ويحمد، يقف مناديًا ياهو نجني من ظلمة القلب والروح، يقف متألمًا لحاله لكنه يصبر حينما يقرأ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾
هو على يقين بربه وبلطفه، هو على يقين أن الله إلى جانبه سيأخذ بيده نحو تلك السُبل..
مقاومة النفس ليست في يوم وليلة، ليست بقول وكفى إنما الأمر أكبر ويحتاج الصبر، صبر على الألم عند عندم الشعور بالقرب، وصبر على كل المغريات.. بخطواته البطيئة والأحاديث بعقله وقلبه، لكنه لا يمل الدعاء، لا يمل الذكر، لا يمل أن يقف ويقول أنا أُحبك يارب..
هل سألت كيف حاله؟
ليس منقطعًا دائما، يهطل غيث الوصل ليوم أو يومين أو للحظات فيرتاح ويسعد، لكنه لا سرعان ما يدرك أنه مازال عند تلك الخطوة، فيبدأ بالسير مجددًا ويصارع يغزوه الألم ولكنه لا يتراجع، يشعرُ بالفتور فيعود؛ ليرتل القرآن وإن تعسر يحاول أن يتعلم، لكن الآثام تتوالى عليه أو يأتيه ما يأخذه بعيدًا عن تلك الحالة، فيعود مجدداً لعله يجد النجاة من ذلك السهم المنغرس بقلبه، ليس هناك أصعب من تلك اللحظات التي لا يجد المقاوم على الطريق قلبه حاضرًا، لكنه يصطبر ويصبر؛ لنيال الرضى والوصول إلى الله_سبحانه_.
يا لها من فوضى!
تلك الفوضى التي تجعله حائرًا مرتبكًا، يشعر بالخجل والقلق، لا يبدد خوفه إلا قوله يالله ناظرًا نحو السماء ليطمئن، فوضى لا يخلو منها العقل ولا يهدأ.
ليس هينًا كل ما يحدث بداخله من ارتباك ورجفة، ليس بهين ما يصبه من جزع، ليس بهين تركه لما كان جزءًا من كينونته أو فرض عليه، بل هو عند الله عظيم، كل خطوة عند الله تقربه وترتقى به نحو سبل الملك..
إن القلب يضعف ويتذبذب لكنه يقاوم ولا يمل، هذا هو حاله بين ارتفاع وانخفاض يتأرجح لكنه يسير، أن لم يكن حاضرًا فهو يذاكر ويجتهد حتى يحضر بالروح والقلب، فالسلام لمن سائر ووصل، والسلام كل السلام لمن تعسر وسقط، وقام ونهض ومازال على الدرب مقاومًا مقاتلًا حتى ينتصر.
سُلاف
بقلم/ سُلاف
الوسوم:
خواطر