( الغباء صناعة)
كتب/أحمد خضر
أحيانًا يكون الغباء وراثي، وأحيانًا أخرى تتم صناعته من خلال أدوات، ووسائل مختلفة، وتكون النتيجة السير مع القطيع في صف واحد دون وعي أو إدراك ، وللتدليل على هذا فقد قام فريق من العلماء بوضع خمسة قرود في قفص واحد، وفي وسط القفص يوجد سلم، وفي أعلى السلم تم وضع بعض الموز اللذيذ الذي يعشقه القرود، وفي كل مرة يصعد أحد القرود لأخذ الموز يقوم فريق العلماء برش باقي القرود الموجودة بأسفل القفص بالماء البارد، وبعد فترة بسيطة أصبح كل قرد يصعد لأخذ الموز يتعرض للضرب وللمنع من زملائه؛ حتى لا يتم رشهم بالماء البارد، بعد مدة من الوقت لم يجرؤ أي قرد على صعود السلم؛ لأخذ الموز على الرغم من كل الإغراءات؛ خوفًا من ضرب زملائه له.
بعدها قرر العلماء أن يقوموا بتبديل أحد القرود الخمسة ويضعوا مكانه قرد جديد، فيكون من الطبيعي أن أول شيء يقوم به القرد الجديد أنه يصعد السلم؛ ليأخذ الموز، ولكن الأربعة الباقين يضربونه ويجبرونه على النزول، وهو لا يعرف سبب ذلك، ولماذا يضربونه؟ وبعد عدة مرات من الضرب يفهم القرد الجديد بأن عليه أن لا يصعد السلم مع أنه لا يدري ما السبب.
قام فريق العلماء أيضًا بتبديل أحد القرود القدامى بقرد جديد آخر، فحل به ما حل بالقرد البديل الأول، حتى أن القرد البديل الأول شارك زملاءه بالضرب وهو لا يدري لماذا يضرب زميله الجديد؟ وهكذا حتى تم تبديل جميع القرود الخمسة الأوائل بقرود جديدة، وحتى عندما صار في القفص خمسة قرود جديدة (ولم يتم رشهم بالماء البارد )، كانوا يضربون أي قرد تسول له نفسه صعود السلم بدون أن يعرفوا ما السبب.
هكذا تتم صناعة الغباء السياسي، والاجتماعي، والثقافي، ولو سألنا القرود لماذا يضربون القرد الذي يصعد السلم؟
سيكون الجواب: لا ندري، ولكن وجدنا آباءنا وأجدادنا يفعلون ذلك.
وهكذا يتم تعميق ثقافة الخوف، والذل، والاستسلام في النفوس لتقاد إلى حتفها أو إلى مصيرها المحتوم، ولو أننا أزلنا الغبار عن عقولنا ومسحنا الضباب الذي يُخيم على عدسات أعيننا لوجدنا أنفسنا كم كنا أغبياء في مواقف عديدة.
والمجتمعات الغبية غالبًا تضحي بالأذكياء والأكفاء، أما المجتمعات الذكية فتصنع الذكاء، وتلهث بالتأكيد وراء العقول، وتنفق عليهم الملايين؛ لأنهم حتمًا من سيقودون المجتمع، ويصنعون السعادة حتى للأغبياء.
إقرأ أيضًا التنمر