غُربة روح

 "غُربة روح"

غُربة روح

ولكنني تائه يا هذا، وهذه الدروب لا تناسبني، وأشعر دائمًا بالغربة، أخبرني الآن كيف يشعر المرء أنه ينتمي إلى مكانٍ ما؟!
كيف يسير هنا دون خوفٍ مما قد يجده في نهاية المطاف؟!
كل شيء موحش ويملؤه الرعب، كأنك بداخل غابة كثيفة الأشجار، تهبُ بداخلها الرياح فتصدر أصوات مخيفة، وكأن هناك مناقشات بداخلها قد آلت بالحرب، أتدري أنا أيضًا يتملكني الخوف في كثيرٍ من الأحيان؛ لذلك أنزوي بداخل حجرتي ولا أرى الشمس لأيام طوال، العالم الخارجي لا يشبهني، وليس هذا فقط هو أيضًا ملاذ لكل ما هو سيء، لا أعلم أ كان هكذا دومًا أم تغيرت ملامحه كما يفعل الزمان بملامحنا؟!
لا أريد أن أخفيكَ سرًا، أضحى هذا العالم كالسجن بالنسبة لي، وأُصاب كثيرًا بالهذيان، أرى أشياء ليس لها وجود، فبين تلك الغيمات أرى مدن تُعزف بها الأغنيات، وتلك الأشجار أراها تتعانق وتتحدث إلى بعضها البعض، وليس هذا فقط، هل ترى ذلك النهر الجاري هناك حوريات بداخله تخرج كل يوم في الصباح وتعود إليه في المساء، تتحدث مثل البشر وتسير بينهم، ولكنهم لا يرون أيًا من هذا!
أبدو لكَ الآن أنني جُننت، ولكن ليس هذا ما حدث!
العالم هو الذي فقد صوابه، هو الذي أصابه الجمود والبلادة، لم يعد ينبض بالحياة، كل ما بداخله رمادي، غابت الألوان جميعها ولم يبقى شيء، وحين رأيت تلك الألوان نبذني، ونعتني بالمجنون، لستُ حزينًا لهذا، بل أنا حزين لأنهم جميعًا على خطأ، لم يرى أحد الحياة؛ لذلك لم يرى ما رأيت، أنا أشعر بالآسى عليهم، فهم يعيشون كما الأموات، لا فرق بينهم سوا أنهم يتنفسون فقط، ولكن الحياة لم يعيشوها يومًا، ليتهم علموا كيف يعيشون؟!

إقرأ أيضا الكلمة

كتبتها "شيماء حسانين| رحيل"

إرسال تعليق

أحدث أقدم